تكليمكم وهو شاهد محسوس، فإذا لم يقدر على الكلام والتكليم فقد فقد مزية الألوهية وهي القدرة على الكلام والتكليم فلم يكن آلها، ولم يحتج عليهم تعالى بمزايا الألوهية الأخرى وصفاتها من الخلق والانشاء وما إلى ذلك، بل احتج بما هو أظهر في الحجة وأبلغ في سخفهم وسفههم من عبادة أصم أبكم جامدا لا يكلمهم ولا يرجع إليهم قولا، وليست الحال كذلك بالنسبة إليه تعالى الذي إن لم يكلمهم حوارا فقد كلمهم اعتبارا وبلسان آثاره وبدائع آياته وأدلة وجوده، وناجاهم في عقولهم وغرائزهم بما هو أبلغ من الكلام وهو أقرب إليهم من حبل الوريد.
5 - إن القرآن الكريم هو مما كلم الله به نبيه بواسطة الوحي وأمته بواسطة، وهو غير منقطع وثابت على الدوام، وهو في الواقع ونفس الأمر تكليم للأمة، والقرآن قد أحصى كل ما ينتظم أمور مبدئها ومعادها. والمسيح الهندي كما يدعي أتباعه لم يؤت شرعا جديدا (وإن زعموا أنه أوحي إليه بكتاب جديد) فهو مكلم كغيره من آحاد الأمة.
6 - إن من لوازم دعواه تكفير كل من لا يعتقد بوحي ورسالة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبنبوة المسيح الهندي، فعلى المسلمين والإسلام السلام لأنهم لا يعتقدون نبوته، فلتقر عينه وعيون أن تباعه بإيمانهم وحدهم وتكفير أهل القبلة الذي لم يجرؤ على القول به أحد من أهل القبلة.
وبعد فهناك وجوه أخرى لبطلان دعواه أعرضنا عنها تجنبا للتطويل حيث لا طائل.
(2) واستدل على بقاء الوحي بالآية (رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق) [غافر / 15]. ومعنى الروح الوحي، فلما كان الله رفيع الدرجات ذو العرش، وتوجد عباده وتوجد حاجة إلى الإنذار، فكيف يجوز أن يقال: بأن الوحي منقطع؟ والجواب: لم أجد في الآية ما يدل على بقاء الوحي وما كان استمرار وجود العباد واستمرار وجوب الانذار مستلزمين لاستمرار الوحي، فقد بينا آنفا في غير موضع ما لا