وهم لم يفرطوا بشئ من ذلك ولم يدعوا وحيا ولا نبوة واعتصموا بما يغنيهم عن الوحي الموهوم والنبي المزعوم ألا وهما الثقلان الأكبر والأصغر ولم ينقصهم شيئا من أقدارهم تركهم الاعتقاد ببقاء الوحي والنبوة بل اتبعوا في ذلك الذين الحق.
أفيرى المسيح الهندي وأتباعه أنهم أفضل منهم جميعا، وأن نفوسهم أسمي من نفوسهم وأكثر استعدادا لتنزل الوحي عليهم، وهم ورثة الأنبياء الهادون المهديون، ومن أجدر بأن يكون من الخاسرين أهذا الفريق الصالح من الأمة الذي لم يخالف نصا ولا يفارق جماعة ولم يدع الحيطة لدينه، أم من يفارق ما أجمعت عليه الجماعة والله مع الجماعة؟؟
ثم عقد بحثا آخر ذيلا لبحثه في هذا الفصل (بقاء الوحي) فقال: هل يوحي إلى غير الأنبياء؟ متمسكا بما فهمه أو بما أراد به التضليل والتمويه من تخصيصه الوحي بوحي النبوة، وقد سبق أن للوحي معاني فإن أراد وحي النبوة فقد بينا انقطاعه بما لا مزيد عليه، وإن أراد منه الهداية والإلهام واللطف الإلهي فذلك باق مستمر.
عود على بدء رأينا أن نختم تعليقنا على هذا الفصل (بقاء الوحي) بأدلة أخرى سمعية تثبت انقطاعه وتقوى الأدلة التي أوردناها في الصفحة (81).
فمن ذلك ما ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد من خطبة لخالد ابن الوليد بعد البيعة بالخلافة لأبي بكر (رض): " ألا وإن الوحي لم ينقطع حتى أحكم، ولم يكن بعد النبي نبي فنستبدل بعده نبيا، ولا بعد الوحي وحي " (1).
ومنه من خطبة للحسن البصري ذكرها في شرح النهج: " أمتكم آخر الأمم وأنتم آخر أمتكم، وقد أسرع بخيار كم فلا تنتظرون المعاينة فكأن قد هيهات هيهات ذهبت الدنيا بحاليها وبقيت الأعمال قلائد في الأعناق، فيا لها موعظة