القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٤٤
إليه في هذه الآية بقوله: (من أمره). فالركن الروحاني يسمي أمرا، قال تعالى: (وأوحي في كل سماء أمرها) [فصلت / 12] وقال: (ألا له الخلق والأمر) [الأعراف / 54]. والركن الرابع: الأنبياء الذين يلقى الروح إليهم، وهو المشار إليه بقوله: (على من يشاء من عباده). والفرض والمقصود الأصلي من إلقاء هذا الوحي إليهم هو صرف الأنبياء بخلق عن عالم الدنيا إلى عالم الآخرة " (1).
فأنت ترى من هذه الأقوال في تفسير الآية احتمالات لم يذكر بينها احتمال استمرار الوحي، ومع ثبوت الاحتمال يبصر الاستدلال.
ثم أورد أدلة أخرى لا تخريج في معناها عن هذين الدليلين، فلا نطيل بنقضها الخطب.
وإن أعجب من أمر فمن قوله: لم يكن حرمانه إياكم من نعمة الوحي إلا لاعتقادكم بانقطاعه وأنتم خير الأمم، وقد أوحى الله إلى كثير من رجال ونساء بني إسرائيل، فكيف لا يوحى إليكم؟ ولكنكم بأيديكم توصدون أمام وجوهكم أبواب نعمة الله: (وذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين) [فصلت / 23].
فأنت ترى في زعمه هذا ما يدل على انقطاع الوحي عمن يعتقد انقطاعه، فكأن الوحي تابع للاعتقاد ببقائه واستمراره، وهذا منطق عجيب، ويلزمه على هذا القول الطريف أن يكون الوحي والنبوة مما يحصل بالاكتساب لكل من يعتقد بقاءهما، وقد فاز بنعمتها المسيح الهندي وأتباعه وحرمهما من لا يرى عقيدتهم وهم المسلمون كافة، اللهم إلا القاديانية ومن انتحل مثل نحلتهم.
إن لنا أسوة حسنة وقدوة صالحة بسلف الأمة من الصدر الأول والقرن الأول والذي يليه وبالأصحاب وتابعيهم وتابعي تابعيهم، وهم العارفون بالله تعالى وبأحكام دينه وبمعاني كتابه ومحكم آية ولحن خطابه وبمجاري سنته،

(1) مفاتيح الغيب، ج 9، ص 499.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 149 151 ... » »»
الفهرست