وأحاجيه ما يؤول إلى أن الكتاب أنزل على العرب بلغتهم ولكن بمعان لا يفهمونها، وهل هذا مفاد قوله تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) [يوسف / 2] وهل من تعقل أي تفهم معانيه أن لا يفهموها؟ وما معنى قوله تعالى:
(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) [إبراهيم / 4] وهل يترك الرسول البيان لقومه في وقت حاجتهم إلى البيان الذي هو مناط التكليف؟ ومن ذلك تفسير السلاسل والأغلال في قوله تعالى: (إنا اعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا) [الإنسان / 4] المراد من هذه الآية، إن الذين يرفضون الحق ولا يبغون الله من صميم الفؤاد يبلوهم الله برد الفعل، فيعانون جهد البلاء في بلبال الحياة الدنيا حتى كأنهم مقرنون في الأصفاد وينهمكون في الشواغل الأرضية، كأنما شدت أعناقهم بالأغلال فلا تدعهم يرفعون رأسهم نحو السماء.
هذا ما نراه كافيا في المقابلة بين آراء القاديانية في التفسير وآراء العلماء الراسخين، وهو إلى ما سلف من الأقوال في التفسير التي لم تتخط فيه الحقيقة إلى التخيلات الشعرية كاف في هذا البحث، ولنعد إلى نقض أقاويلهم الأخرى في بقية الفصول.