والحكمة كما ذكر ذلك في غير موضع، وقد علم أمته الكتاب والحكمة كما قال تعالى: (ويعلمهم الكتاب والحكمة) [الجمعة / 2].
هذا ولنا أن نقول: إن لم يكن الرد إلى الكتاب والسنة رافعا للتنازع وحاسما لمادته، وكان هناك من يرد إليه غيرهما، لاقتضت الحكمة بيان ذلك المرجع، خاصة إذا كان نبيا موحى إليه محتاجا إليه في رفع النزاع لضرورة البيان في وقت الحاجة إلى البيان، وهذا ما لم يقل به مسلم ولا ورد به نص كتابي ولا حديث نبوي ولا دليل من الأدلة التي تعبدنا الله بها في أحكامه.
وبعد فأنت ترى من مجموع هذه الآيات ما يستدل به على أن الأمة بعد ذلك البيان، وبعد قيام العلماء الراسخين بما قاموا به من إيضاح مناهج الشرع والدين بمحض الاكتساب، والجهاد الذي هو طريق العدالة الحقة في غنية عن وحي سماوي جديد وموحى إليه مؤيد بالمعجزات. أما ما اختص به أهل البيت وهم ثقل الرسول الأصغر الذين لم يفارقوا الثقل الأكبر وهو القرآن من الالهام وهو غير الوحي وغير النبوة، فقد استفاض به الحديث من طريق الفريقين السنة والشيعة.
أدلته على بقاء الوحي 1 - ومن أغرب ما احتج به صاحب التوضيح من نداء السيد منير الحضي داعية مسيحه الهندي على بقاء الوحي، وهو ما ننقله بحرفه، قال: فلو بقي الله الكامل بذاته وصفاته وظهور صفاته غير متلكم بعد النبي عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة، إذا لا فرق بينه وبين الأصنام والآلهة الأخرى الجامدة ثم دعم قوله هذا بما يلي ولذا نرى الله سبحانه يسفه عقول أولئك الذين يعبدون من دونه معبودا أبكم أصم بقوله في حق موسى (عليه السلام): (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين) [الأعراف / 148] أوليس في هذه الآية دليل قاطع على أن الله تكلم بوحي لعباده على الدوام؟ إلخ، ولا يخفى ما في هذا الاستدلال من السفسطة والتمويه وبيان وإبطاله من وجوه: