فهل بعد هذا البيان ما يقطع حجة القاديانية على دعوى بقاء الوحي والرسالة بيان أكثر منه وضوحا وجلاء للحق الذي لا ريب فيه.
وبعد فلو أردنا استقصاء كل ما ورد من سلف الأمة وخلفها مما هو نص صريح على انقطاع الوحي والنبوة، لاحتجنا إلى إخراج كتاب ضخم، وما أعرض العلماء عن مثل هذا التأليف في هذا المعنى مع سعة التأليف. وتعد طرق التآليف وموضوعاتها إلا لأنها من البداءة بعد تضافر النصوص على سد باب الوحي والنبوات بنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين، على أنهم عرضوا لهذا البحث في مباحثهم الكلامية ومنه الشئ الكثير في مطاوي أبحاثهم في التفسير والحديث، وقد فرغوا من الحكم على مدعي ذلك أنه واحد من اثنين: إما ممرور متهوس موسوس، وإما متعمد يلتمس من هذا الباب العلو والظهور ومتاع الدنيا وغرورها ومظاهرها الخلابة، وكلاهما لم تقم له هذه الدعوى حتى افتضحت وبدا عوارها وظهر شنارها (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) [الرعد / 17] وما كانت دعوى القادياني إلا كدعوى من تنبأوا من الأغمار في مختلف الأعصار، لم تستحق شيئا من عناية العلماء في دحضها ونقضها، وكفاهم منها أنها كانت صرخة في واد وهبوة من رماد، لم تنجل عن وري زناد، ولم تبق منها السوافي غير سحم الأثافي، وللحق العلو والاستعلاء من قبل ومن بعد والله غالب على أمره.