القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٣٩
وإنما أنا قاسم ويعطي الله ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله.
إن المفهوم من هذه الأحاديث أن الأمة لا تخلو من قائمين بأمر الله مؤيدين شريعته عاملين بسنتها وكتابها، وهم منها متميزون لا بوحي منزل ولا نبي مرسل، بل بما حصلوه من علوم الدين، وبما اكتسبوه من أحكامه، وهي من متناولهم وعلى طرف الثمام، وقد دونت دواوينها وأحكمت قواعدها ورسخت أصولها ونمت فروعها ودنت من الجانين ثمراتها، فأغناهم ذلك عن وحي جديد ونبي جديد.
قال ابن تيمية في رسالته (رفع الملام عن الأئمة الأعلام): وبعد فيجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين كما نطق به القرآن، خصوصا العلماء الذين هم ورثة الأنبياء الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم يهتدي بهم في ظلمات البر والبحر، وقد أجمع المسلمون على هدايتهم.
وأما الآيات الدالة دلالة صريحة على الاستغناء عن الوحي والموحي إليهم فهي أكثر من أن تحصى، فمنها: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه) [النساء / 83] ومنها قوله تعالى: (فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة / 122] ومنها قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) [آل عمران / 110] ومنها: (وكذلك جعلنا كم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) ومنها: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) كما قال: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) ومنها: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) [النساء / 59] ومعنى ذلك الرد إلى كتاب الله أو إلى سنة الرسول بعد موته.
قال ابن تيمية: وقوله: (فإن تنازعتم) شرط والفعل نكرة في سياق الشرط، فأي شئ تنازعوا فيه ردوه إلى الله والرسول، ولو لم يكن بيان الله والرسول فاصلا للنزاع لم يؤمروا بالرد إليه، والرسول أنزل عليه الكتاب
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست