القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٥٣
وقال ابن فارس في كتابه الصاحبي: (باب الفعل يأتي بلفظ الماضي وهو راهن أو مستقبل، وبلفظ المستقبل وهو ماض)، وأورد على ذلك شواهد منها:
(أتى أمر الله فلا تستعجلوه) أي يأتي ويجئ بلفظ المستقبل وهو ماض، قال الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني * فمضيت عنه وقلت: لا يعنيني فقال: أمر، ثم قال: ومضيت، وفي كتاب الله جل ثناؤه: (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل) وقال: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) أي ما تلت، ومثله: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم) المعنى فلم عذب آباءكم بالمسخ، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يؤمر بأن يحتج عليهم بشئ لم يكن، لأن الجاحد يقول: إني لا أعذب لكن أحتج عليهم بما كان " (1).
وقال الثعالبي في كتابه (فقه اللغة): فصل (في الفعل يأتي بلفظ الماضي وهو مستقبل وبلفظ المستقبل وهو ماض)، أما الأول فمثل له بقوله تعالى:
(أتى أمر الله فلا تستعجلوه). والثاني بقوله تعالى: (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل) وقوله تعالى: (واتبعوا ما تتلو الشياطين) أي ما تليت.
وقال ابن الأثير في المثل السائر: " إعلم أن الفعل المستقبل إذا أتي به في حالة الإخبار عن وجود الفعل، كان ذلك أبلغ من الإخبار بالفعل الماضي، وذلك لأن الفعل المستقبل يوضح الحال التي يقع فيها ويستحضر تلك الصورة حتى كأن السامع يشاهدها، وليس كذلك الفعل الماضي، إلى أن قال: عطف المستقبل على الماضي ينقسم إلى ضربين: أحدهما بلاغي وهو إخبار عن ماض بمستقبل، والآخر غير بلاغي وليس إخبارا بمستقبل عن ماض، وإنما هو مستقبل دل على معنى مستقبل غير ماض ويراد به أن ذلك الفعل مستمر الوجود

(١) الصاحبي في فقه اللغة العربية ووسائلها، العلامة أحمد بن فارس بن زكريا الرازي، مكتبة المعارف، ص 223.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 149 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست