القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٢٧
من العمالقة (أنا آتيك به) بالعرش (قبل أن تقوم من مقامك) كان سليمان يريد فتح بلاد سبأ في غير أن يأتوه بعرشها سريعا بعد الفتح، فقال رجل من العمالقة: أنا آتيك بهذا العرش قبل أن تقوم من مقامك، أي قبل أن تنفر أنت لمحاربتهم. و (قال الذي عنده علم من الكتاب) أي رجل من المؤمنين بالكتاب من بني إسرائيل وهو بمقابلة العفريت الذي هو من العمالقة غير المؤمنين (قبل أن يرتد إليك طرفك) يراد به الدلالة على الإسراع (فلما رآه مستقرا عنده) أي العرش وذلك بعد زمن لا عقب القول، ومنه يفهم أن الملكة بلقيس أسلمت بعد أن فتح سليمان بلادها (قيل لها ادخلي الصرح) الصرح الذي صنعه سليمان لبلقيس صفائح من البلور والقوارير، يجري من تحتها الماء، فيخيل للرائي أن هناك ماء دون زجاج، وقصد بذلك سليمان أن يمثل لها الشمس المعبودة بالنظر إلى خالق الشمس الحقيقي، فقد كانت تعبد الشمس وترى أنها مصدر الربوبية العامة، فأفهمها سليمان أن الربوبية العامة مصدرها ما وراء هذه الأكوان، كما أن الماء الحقيقي ليس الذي حسبته ماء من القوارير وشمرت عن ساقيها من أجله، بل هو ما وراء هذه القوارير، فلما فهمت هي مقصد سليمان: (قالت: رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) [النمل / 44].
وعلى هذا النسق ومن مثل هذا الينبوع استمدوا تفسيرهم لأي كثيرة من الذكر الحكيم يطول بإيرادها ونقضها الخطب، فليرجع من يطلب ذلك إلى مقال ذلك الأستاذ المفضال.
فلسفتهم في التفسير واللغة رأينا من الجمام والترويح على نفوس القارئين أن نطرفهم بما جاء في ذلك المقال الممتع الجامع لعقائد القاديانية ولتاريخهم، وما إلى ذلك من أمورهم الجديرة بالدرس مما لم يعرفه المفسرون من التفسير، وما لم يصل إليه من تحليل لغوي اللغويون، فمن ذلك قولهم في علة تحريم الخنزير، إن الله حرم الخنزير وقد ضمن اسمه الإشارة إلى تحريمه منذ الأول، لأن لفظ (خنزير)
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 131 133 134 ... » »»
الفهرست