النحل) [النحل / 68] أو بمنام كما قال (عليه السلام) " انقطع الوحي وبقيت المبشرات رؤيا المؤمنين ". فالإلهام والتسخير والمنام دل عليه قوله: (إلا وحيا أو من وراء حجاب). وتبليغ جبريل في صورة معينة دل عليه قوله: (أو يرسل رسولا). وقوله: (أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ) [الأنعام / 93]. وذلك لمن يدعي شيئا من أنواع ما ذكرنا من الوحي، أي نوع ادعاء من غير أن يحصل له. وقوله: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه) [الأنبياء / 25] فهذا الوحي هو عام في جميع أنواعه، وذلك أن معرفة وحدانية الله تعالى ومعرفة وجوب عبادته ليست مقصورة على الوحي المختص بأولي العزم، بل يعرف ذلك بالعقل والإلهام كما يعرف بالسمع، فإذا القصد من الآية تنبيه أنه من المحال أن يكون رسول لا يعرف وحدانية الله ووجوب عبادته، وقوله تعالى: (وإذ أوحيت إلى الحواريين) [المائدة / 111] فذلك وحي بوساطة عيسى (عليه السلام) وقوله: (وأوحينا إليهم فعل الخيرات) [الأنبياء / 73] فذلك وحي إلى الأمم بوساطة الأنبياء. ومن الوحي المختص بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (اتبع ما أوحي إليك من ربك). (إن أتبع إلا ما يوحى إلي). وقوله: (وأحينا إلى موسى وأخيه) [يونس / 87]. فوحيه إلى موسى بوساطة جبريل، ووحيه تعالى إلى هارون بوساطة جبريل وموسى، وقوله: (إذ يوحي ربك إلى الملائكة) فذلك وحي إليهم بوساطة اللوح والقلم فيما قيل، وقوله: (وأوحي في كل سماء أمرها) فإن كان الوحي إلى أهل السماء فقط، فالموحي إليهم محذور ذكره، كأنه قال: أوحي إلى الملائكة لأن أهل السماء هم الملائكة، ويكون كقوله:
(إذ يوحي ربك إلى الملائكة) [الأنفال / 12]. وإن كان الموحى إليهم هم السماوات، فذلك تسخير عند من يجعل السماء غير حي ونطق عند من جعله حيا، وقوله: (بأن ربك أوحي) لها فقريب من الأول، وقوله: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه) [طه / 114]. فحث على التثبت في السماع وعلى ترك الاستعجال في تلقينه وتلقنه.
3 - وفي النهاية لابن الأثير: " (وحا " في حديث (أبي بكر) الوحا الوحا أي السرعة السرعة ويمد ويقصر، يقال: توحيت توحيا إذا أسرعت إلى أن