السلطة البحرية وكثرة مراكبه التي تسيرها الريح، والجن الذين كانوا يعملون لسليمان يراد بهم الأقوام الجبابرة من العمالقة وغيرهم ممن استخدمهم سليمان في أعماله، وقد سموا في آيات أخرى بالشياطين، وكلمات الجن الواردة في أماكن مختلفة من القرآن المجيد بعضها يفسر بمخلوقات كانت قبل الإنسان لا نعلم حقيقتها خلقت من نار حينما كانت الكرة الأرضية نارا، وبعضها يفسر المردة والجبابرة من الناس، وبعضها بالطبقة المستعبدة من البشر لغيرها، والإنس الطبقة المستعبدة الضعاف كما في الآية الكريمة (يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) [الأنعام / 128] وسورة الجن وما فيها إشارة إلى وفد نصيبين وكانوا من اليهود، (ودابة الأرض) كناية عن يربعام بن سليمان الذي لا يصح للملك، شبه بالدابة لأنه كالدواب سافل ليس فيه سمو وعلو، (المنسأة) العصا أو صولجان الملك كناية عن المملكة لأنه يتوكأ عليها وتكون بها قوة، (فلما تبينت الجن) أي القوم الأشداء الجبابرة من الكنعانيين والكلدانيين، وكذلك قوله تعالى: (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) [ص / 34] المقصود به من الجسد يربعام أي أنه جسد لا روحانية فيه.
وتفسير هذه الآية كتفسير الآية السابقة في الخروج عن منطوقها ومفهومها وفي التكلف الذي لا تحتمله ولا تحمله ألفاظها، ولتفنيده وجوه لا يتسع المقام لذكرها، ومنه الآيات (وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير - إلى قوله - إنه صرح ممرد من قوارير) [النمل / 17].
(وادي النمل) واد في فلسطين بين جبرين وعسقلان تسكنه قبيلة تسمى (قبيلة النمل) والنملة المتكلمة هي امرأة من هذه القبيلة، والعرب تسمي قبائلها بالنمل كما سميت قبيلة (مازن)، ومعنى (مازن) بيض النمل، (وتفقد الطير) أي تفقد الطيور في حديقة الطيور، وكان لسليمان حديقة عظيمة فيها من جميع أنواع الطيور، فقال: (ما لي لا أرى الهدهد)، والهدهد هنا اسم رجل كان أرسله إلى سبأ عينا ليأتيه بخبرهم وأبطأ عنه فظن أنه خان ولحق بالعدو، فلذلك قال: (أو لأذبحنه) وكان غاب عن ذاكرته، فلما رأي الطير المسمي بالهدهد في حديقة الطيور فطن إليه لمماثلة الاسمين (قال عفريت من الجن) هو رجل