القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٢٥
أنبياء بني إسرائيل، وغايتها قلب مملكة بابل وتقويضها والقضاء عليها. أما الأولى، فلم ينجح القائمون بها في حياة سليمان، لأن سليمان بطش بهم البطشة الكبرى، وإنما نجحوا بعد موته. وأما الثانية التي في بابل وخارجها فقد نجحت، والشياطين المذكورون في الآية يراد بهم الأشرار المفسدون من الناس من الأغراب بناة الهيكل والإسرائيليين، والسحر يراد به الكلام الجاذب الذي يستميل القلوب، والملكان هاروت وماروت يراد بهما أرميا وحزقيل من أنبياء بني إسرائيل، وقد سميا ملكين مقابلة للشياطين، ويؤيد هذا الاستعمال ما ورد في حق يوسف (عليه السلام) في القرآن (إن هذا إلا ملك كريم) [يوسف / 31] ويدل على أنهما من البشر قول الله: (وما يعلمان من أحد) لأن الملائكة لا تعلم البشر، وهاروت وماروت لفظان وضعيان يتضمنان معنى الاستئصال والتدمير لأعداء اليهود وهم البابليون يومئذ، والفتنة يراد بها التمييز بين الخبيث والطيب والصالح والطالح. (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) [البقرة / 102] أي أن أرميا وحزقيل يعلمان الناس ما يجعلونهم به يتركون أزواجهم وأولادهم ويتبعونهما تقاديا في سبيل الله وفرارا إلى الله (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) [البقرة / 102] إشارة إلى الجمعية الأولى، فإن القائمين بها لم يتمكنوا أن يضروا أحدا لفساد تعاليمهم، ولأنهم شياطين أشرار لا ينجح الله أعمالهم، والذين يتعلمون منهم شيئا إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم إلى كلام يجري هذا المجرى من التعسيف والتكلف لا طائل تحته، فلا نتعب أنفسنا والقراء في نقله.
أية مصلحة اقتضت هذه التعمية على المخاطبين بكلام هو من جنس كلامهم إن أعجزهم أسلوبا وبيانا، وأي محذور من إفهامهم الأمر الواقع إن كان على ما يتمحله القاديانيون، على أن في هذا التخريج والتحكم من الاستبعاد والتطبيق على ما قصدوا له ما لا يخفى على الشاري فضلا عن المتعمقين في فهم موارد الكتاب ومصادره. ومن ذلك قولهم في تفسير الآية:
(ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر - إلى - ما لبثوا في العذاب المهين) [سبأ / 12 - 14] تسخير الريح إشارة إلى ما أوتيه سليمان (عليه السلام) من
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 131 ... » »»
الفهرست