عذت بربي وربكم أن ترجمون، أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ".
ثم أناخ راحلته فعقلها عقبة بن سمعان وزحف القوم إليه وجالت خيولهم، فدعا بفرس رسول الله (صلى الله عليه وآله) المرتجز وعمامته ودرعه وسيفه، فركب الفرس ولبس الآثار ووقف قبالة القوم، فاستنصتهم فأبوا عليه، ثم تلاوموا فنصتوا، فخطبهم: حمد الله وأثنى عليه، واستنشدهم عن نفسه الكريمة وما قال فيها جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن فرس رسول الله ودرعه وعمامته وسيفه، فأجابوه بالتصديق، فسألهم لم يقتلونه؟
فأجابوه لطاعة أميرهم. فخطبهم ثانيا وقال: " تبا لكم أيتها الجماعة وترحا، أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، وحششتم (1) علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم؟ فأصبحتم البا لأعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم يستحصف، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدباء وتداعيتم إليها كتهافت الفراش، فسحقا لكم يا عبيد الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومحرفي الكلم، وعصبة الإثم ونفثة الشيطان، ومطفئ السنن، ويحكم أهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون؟! أجل والله، غدر فيكم قديم وشجت عليه أصولكم، وتآزرت عليه فروعكم، فكنتم أخبث ثمر، شجى للناظر وأكلة للغاصب، ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام، على مصارع الكرام، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر! ثم أنشد أبيات فروة بن مسيك