من تيامن أو تياسر بينه وبين حرمه. فصاح: " ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون " فناداه شمر: ما تقول يا بن فاطمة؟ قال: " أقول:
إني أقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم وجهالكم من التعرض لحرمي ما دمت حيا "، فقال له شمر: لك ذلك يا بن فاطمة، فجعل يحمل ويحملون وهو مع ذلك يطلب شربة ماء، فلم يجد حتى أثخنته جراحاته، فوقف ليستريح فرمي بحجر فوقع في جبهته فسالت الدماء على وجهه فرفع ثوبه ليمسح الدم عن وجهه، فرمي بسهم فوقع في قلبه، فأخرجه من وراء ظهره فانبعث الدم كالميزاب، فوقف بمكانه لا يستطيع أن يحمل، فصاح شمر بن ذي الجوشن (لعنه الله) ما تنتظرون بالرجل؟ فطعنه صالح بن وهب المزني على خاصرته، فوقع من ظهر فرسه إلى الأرض على خده الأيمن وهو يقول: " بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله "، ثم قام فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى، وضربه آخر على عاتقه فخر على وجهه وجعل ينوء برقبته ويكبو، فطعنه سنان في ترقوته، ثم انتزع السنان فطعنه في بواني صدره، ورماه سنان أيضا بسهم فوقع في نحره، فجلس قاعدا ونزع السهم وقرن كفيه جميعا حتى امتلئتا من دمائه فخضب بهما رأسه ولحيته وهو يقول: " هكذا ألقى الله مخضبا بدمي مغصوبا علي حقي ".
وجاء مالك بن النسر الكندي فشتم الحسين وقبض على كريمته وضربه بسيفه على رأسه، وبدر خولي بن يزيد الأصبحي ليحز رأسه فأرعد، فجاء سنان فضربه على ثغره الشريف، وجاء شمر فاحتز رأسه، ثم سلبوا جسده الكريم، وحزت رؤوس أصحابه، ووطئت أجسادهم بعوادي الخيول، وانتهبت الخيام، وأسر من فيها، وذهبوا بالرؤوس والسبايا إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، ومنها إلى المدينة وطن جدهم عليه وعليهم السلام.