وعلى ملائكته وأنبيائه بأحسن ما يجب، فلم ير متكلم قط أبلغ منه لا قبله ولا بعده، ثم قال: " أما بعد، فانسبوني من أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم، وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين المصدق لرسول الله بما جاء به من عند ربه؟! أوليس حمزة سيد الشهداء عمي؟! أوليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي؟! أوليس بلغكم ما قال رسول الله لي ولأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة؟! فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق فوالله ما تعمدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، وإن كذبتموني فإن فيكم من أن سألتموه عن ذلكم أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سهل (1) الساعدي، وزيد بن أرقم، ومالك بن أنس، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله. أما في هذا حاجز لكم عن دمي؟! فقطع عليه شمر كلامه وأجابه حبيب بن مظهر بما يأتي في ترجمته. فعاد الحسين إلى خطبته وقال: " فإن كنتم في شك من هذا أفتشكون أني ابن بنت نبيكم؟! فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم، ويلكم أتطلبوني بقتيل فيكم قتلته أو مال لكم استهلكته، أو بقصاص جراحة "؟! فأخذوا لا يكلمونه، فنادى: يا شبث بن ربعي ويا حجار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار واخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجندة؟! فقال له قيس بن الأشعث: نحن لا ندري ما تقول، ولكن انزل على حكم بني عمك فإنهم لا يرونك إلا ما تحب.
فقال له الحسين: " أنت أخو أخيك، أتريد أن تطالب بأكثر من دم مسلم "؟! ثم قال: " لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفر فرار العبيد، يا عباد الله، إني