راجلا، فجعل الميمنة لزهير والميسرة لحبيب، وأعطى أخاه العباس الراية وجعل البيوت خلف ظهورهم وعمل خندقا وراءها فأحرق فيه قصبا وحطبا لئلا يؤتى من خلف البيوت.
وأصبح عمر بن سعد فعبأ أصحابه، وقد بلغوا إلى ذلك اليوم ثلاثين ألفا، فجعل الميمنة لعمر وبن الحجاج، والميسرة لشمر بن ذي الجوشن، وعلى الخيل عزرة بن قيس (1)، وعلى الرجالة شبث بن ربعي، وأعطى مولاه دريدا الراية (2).
فلما نظرهم الحسين رفع يديه داعيا وقال: " اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك رغبة مني إليك عمن سواك، ففرجته عني وكشفته، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة " (3).
ثم دعا براحلته فركبها ونادى بأعلى صوته: " يا أهل العراق - وجلهم يسمع - اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم علي، وحتى أعتذر إليكم في مقدمي هذا وأعذر فيكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوني النصف من أنفسكم فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين " (4). فأنصتوا بعض الانصات.
فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله من المحامد وصلى على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله)