والضرب.
أقول: ولا بلغنا أن أحدا من الملوك كان لهم نبي أو ملك كان لهم سلطان قد أغناهم بعد الفقر، وخلصهم من الذل والضر ودلهم على سعادة الدنيا والآخرة وفتح عليهم بنبوته بلاد الجبابرة ثم مات وخلف فيهم بنتا واحدة من ظهره، وقال لهم: إنها سيدة نساء العالمين، وطفلين معها منها لهما دون سبع سنين أو قريب من ذلك، فتكون مجازاة ذلك النبي أو الملك من رعيته، أنهم ينفذون نارا ليحرقوا ولديه ونفس ابنته وهما في مقام روحه ومهجته، إنتهى (12).
روى الصاحب الاحتجاج عن أحمد بن همام، قال: أتيت عبادة بن الصامت في ولاية أبي بكر، فقلت يا أبا عمارة (13) كان الناس على تفضيل أبي بكر قبل أن يستخلف؟ فقال: يا أبا ثعلبة إذا سكتنا عنكم فاسكتوا ولا تبحثوا (14)، فوالله لعلي بن أبي طالب كان أحق بالخلافة من أبي بكر كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أحق بالنبوة من أبي جهل، قال: وأزيدك، إنا كنا ذات يوم عند رسول الله، فجاء علي وأبو بكر وعمر إلى باب رسول الله، فدخل أبو بكر، ثم دخل عمر، ثم دخل علي عليه السلام على أثرهما فكأنما سفي (15) على وجه رسول الله صلى الله عليه وآله الرماد، ثم قال: يا علي أيتقدمانك هذان وقد أمرك الله عليهما، قال أبو بكر: نسيت يا رسول الله، وقال عمر: سهوت يا رسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما نسيتما ولا سهوتما، وكأني بكما قد استلبتما ملكه وتحاربتما عليه وأعانكما على ذلك أعداء الله وأعداء رسوله، وكأني بكما قد تركتما المهاجرين والأنصار بعضهم يضرب وجوه بعض بالسيف على الدنيا.
ولكأني بأهل بيتي وهم المقهورون المتشتتون في أقطارها وذلك لأمر قد قضي،