فصل [في زهدها عليها السلام] السيد بن طاوس من كتاب زهد النبي صلى الله عليه وآله لأبي جعفر أحمد القمي، أنه لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله، * (وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) * بكى النبي صلى الله عليه وآله بكاء شديدا وبكت صحابته لبكائه، ولم يدروا ما نزل به جبرئيل ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلمه، وكان النبي صلى الله عليه وآله، إذا رأى فاطمة (عليها السلام) فرح بها، فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها فوجد بين يديها شعيرا وهي تطحن فيه وتقول: * (وما عند الله خير وأبقى) * فسلم عليها، وأخبرها بخبر النبي صلى الله عليه وآله وبكائه فنهضت والتفت بشملة لها خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل، فلما خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى وقال: واحزناه إن بنات قيصر وكسرى لفي السندس والحرير وابنة محمد صلى الله عليه وآله عليها شملة صوف خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا؟ فلما دخلت فاطمة عليها السلام على النبي صلى الله عليه وآله قالت: يا رسول الله، إن سلمان تعجب من لباسي فوالذي بعثك بالحق، مالي وعلي عليه السلام منذ خمس سنين إلا مسك كبش نعلف عليه بالنهار بعيرنا، فإذا كان الليل افترشناه، وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف، فقال النبي صلى الله عليه وآله يا سلمان إن ابنتي لفي الخيل السوابق.
ثم قالت: يا أبتاه فديتك ما الذي أبكاك؟ فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدمتين، قال: فسقطت فاطمة عليها السلام على وجهها وهي تقول: " الويل ثم الويل لمن دخل النار " فسمع سلمان، فقال: يا ليتني كنت كبشا لأهلي، فأكلوا لحمي ومزقوا جلدي، ولم أسمع بذكر النار، وقال أبو ذر: يا ليت أمي كانت عاقرا ولم تلدني ولم أسمع بذكر النار، وقال مقداد: يا ليتني كنت طائرا في القفار، ولم يكن علي حساب