الباب الرابع في كثرة حزنها وبكائها على أبيها (صلى الله عليه وآله) وعليها وبدء مرضها ومدة مكثها في الدنيا بعد أبيها وإخفاء أمير المؤمنين (عليه السلام) قبرها بوصية منها سلام الله عليها فصل لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله افتجع له الصغير والكبير والرجال والنساء وكثر عليه العويل والبكاء، فصارت المدينة ضجة واحدة تذري الدموع عليه بالأسجام (1) ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إذا أهلوا بالإحرام فلم يكن إلا باك وباكية ونادب ونادبة وعظم رزؤه على أهل بيته الطيبين سيما علي ابن عمه وأخيه أمير المؤمنين عليه السلام، فنزل به من وفات رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يكن يظن الجبال لو حملته كانت تنهض به وكان أهل بيته ما بين جازع لا يملك جزعه ولا يضبط نفسه ولا يقوي على حمل فادح ما نزل به.
قد أذهب الجزع صبره وأذهل عقله وحال بينه وبين الفهم والإفهام والقول والاستماع، وساير الناس من غير بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر، وبين مساعد باك لبكائهم، جازع لجزعهم، ولم يكن بين الجميع أشد حزنا من مولاتنا فاطمة الزهراء