تنام عينا قلب مشغول، يا ابن عباس ملك جوارحك قلبلك، فإذا أرهبه طار النوم عنه، ها أنا ذاكما ترى مذ أول الليل إعتراني الفكر والسهر لما تقدم من نقض عهد أول هذه الأمة المقدر عليها نقض عهدها.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر من أمر أصحابه بالسلام علي في حياته بإمرة المؤمنين فكنت أؤكد أن أكون كذلك بعد وفاته، يا ابن عباس أنا أولى الناس بالناس بعده، ولكن أمور اجتمعت على رغبة الناس في الدنيا وأمرها ونهيها، وصرف قلوب أهلها عني.
أقول: وساق كلامه عليه السلام في الشكاية عمن تقدمه إلى أن قال عليه السلام: فالآن يا ابن عباس قرنت بابن آكلة الأكباد، وعمرو، وعتبة، والوليد، ومروان، وأتباعهم، فمتى اختلج في صدري، وألقي في روعي، أن الأمر منقاد إلى دنيا يكون هؤلاء فيها رؤساء يطاعون، فهم في ذكر أولياء الرحمن يثلبونهم (4) ويرمونهم بعظائم الأمور من إفك مختلق وحقد قد سبق.
وقد علم المستحفظون ممن بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إن عامة أعدائي ممن أجاب الشيطان علي، وزهر الناس في، وأطاع هواه فيما يضره في آخرته وبالله عز وجل الغني وهو الموفق للرشاد والسداد، يا بن عباس، ويل لمن ظلمني ودفع حقي وأذهب عظيم منزلتي، أين كانوا أولئك؟ وأنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله صغيرا، لم يكتب علي صلاة، وهم عبدة الأوثان وعصاة الرحمن وبهم توقد النيران.
فلما قرب أصعار الخدود (5) وأتعاس الجدود، أسلموا كرها وأبطنوا غير ما أظهروا طمعا في أن يطفئوا نور الله وتربصوا انقضاء أمر الرسول، وفناء مدته، لما