فصل [أشعارها عند قبر أبيها (صلى الله عليه وآله)] روي أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ونال فاطمة عليها السلام من القوم ما نالها لزمت الفراش ونحل جسمها وذاب لحمها وجف جلدها على عظمها وصارت كالخيال (1).
وروي أيضا إنها صلى الله عليها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما؟ فلا يدعكما تمشيان على الأرض ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما (2).
فكانت سلام الله عليها كما أخبر أبوها عن يومها ذلك محزونة مكروبة باكية، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة وتتذكر فراق والدها أخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوته الذي كانت تسمع إليه إذا تهجد بالقرآن ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة.