بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها، فانطلقا جميعا فاستأذنا على فاطمة " عليها السلام " فلم تأذن لهما، فأتيا عليا " عليه السلام " فكلماه فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط، فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام، فتكلم أبو بكر فقال:
يا حبيبة رسول الله، والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك إني مت ولا أبقى بعده!! أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أني سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا نورث!!! ما تركناه فهو صدقة.
فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله تعرفانه وتفعلان به. قالا: نعم، فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني قالا: نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه، فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق!! وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها، ثم خرج باكيا!!
فاجتمع إليه الناس، فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقا حليلته مسرورا بأهله وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي، قالوا: يا خليفة رسول الله إن هذا الأمر لا يستقيم، وأنت أعلمنا بذلك!!! إنه إن كان هذا لم يقم لله دين فقال: والله لو ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة بعد ما سمعت ورأيت من فاطمة، قال: فلم يبايع علي كرم الله وجهه حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمسا وسبعين ليلة، إنتهى موضع الحاجة