وعن مصباح الأنوار، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام لما وضع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما وآلهما في القبر قال: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله محمد بن عبد الله صلى عليه وآله، سلمتك أيتها الصديقة إلى من هو أولى بك مني ورضيت لك بما رضي الله تعالى لك، ثم قرء * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) *، فلما سوى عليها التراب أمر بقبرها فرش عليه الماء، ثم جلس عند قبرها باكيا حزينا، فأخذ العباس بيده فانصرف به (23).
[مناقشة عمر مع علي عليه السلام] قال الراوي: وأصبح البقيع ليلة دفنت " سلام الله عليها " وفيه أربعون قبرا جددا وإن المسلمين لما علموا وفاتها جاؤوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور فضج الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا: لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها ولا تعرفوا قبرها، ثم قال ولاة الأمر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها ونزور قبرها.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فخرج مغضبا قد احمرت عيناه ودرت أوداجه وعليه قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة وهو متكأ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير وقالوا: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبر حجر ليضعن السيف على غابر الآخر.
فتلقاه عمر ومن معه من أصحابه وقال له: ما لك يا أبا الحسن؟ والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها، فضرب علي عليه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب