أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت، قال: هيهات يا بن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت، قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد (2).
قال ابن أبي الحديد: وأما قول ابن عباس ما أسفت على كلام الخ، فحدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة ثلاث وستمأة، قال: قرأت على الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة، فلما انتهيت إلى هذا الموضع، قال لي: لو سمعت ابن عباس يقول هذا، لقلت له: وهل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد، والله ما رجع عن الأولين ولا عن الأخرين (3).
وفي البحار، عن كشف اليقين، عن ابن عباس، قال: كنت أتتبع غضب أمير المؤمنين عليه السلام إذا ذكر شيئا، أو هاجه خبر، فلما كان ذات يوم كتب إليه بعض شيعته من الشام يذكر في كتابه أن معاوية، وعمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عقبة، ومروان، اجتمعوا عند معاوية فذكروا أمير المؤمنين عليه السلام فعابوه، وألقوا في أفواه الناس إنه ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ويذكر كل واحد منهم ما هو أهله. وذلك لما أمر عليه السلام أصحابه بالانتظار له بالنخيلة فدخلوا الكوفة وتركوه، فغلظ ذلك عليه.
وجاء هذا الخبر فأتيت بابه في الليل، فقلت: يا قنبر، أي شئ خبر أمير المؤمنين عليه السلام قال: هو نائم فسمع عليه السلام كلامي، فقال: من هذا؟ قال ابن عباس يا أمير المؤمنين قال: ادخل، فدخلت فإذا هو قاعد ناحية عن فراشه في ثوب جالس، كهيئة المهموم فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين الليلة؟ فقال: ويحك يا ابن عباس وكيف