فلما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله جلس في المسجد حزينا كئيبا من فراق رسول الله صلى الله عليه وآله، فاجتمع إليه بنو هاشم ومعه زبير بن العوام واجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفان، وبنو زهرة إلى عبد الرحمن بن عوف فكانوا في المسجد مجتمعين إذ أقبل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فقالوا مالنا نريكم حلقا شتى، قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعه الأنصار والناس فقام عثمان وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما فبايعوا، وانصرف علي عليه السلام وبنو هاشم إلى منزل علي (عليه السلام) ومعهم الزبير، قال: فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع، فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة فألفوهم مجتمعين فقالوا لهم: بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس، فوثب الزبير إلى سيفه فقال: عمر: عليكم بالكلب العقور فاكفونا شره، فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده، فأخذه عمر، فضرب به الأرض فكسره، وأحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر فلما حضروا، قالوا: بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس، وأيم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف، فلما رأى ذلك بنو هاشم، أقبل رجل رجل فجعل يبايع الخ (3).
وروى صاحب الاحتجاج عن عبد الله بن عبد الرحمن أنه قال: ثم إن عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي: ألا إن أبا بكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة، فينثال (4) الناس فيبايعون، فعرف أن جماعة في بيوت مستترون فكان يقصدهم في جمع فيكبسهم ويحضرهم في المسجد فيبايعون، حتى إذا مضت إيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي بن أبي طالب عليه السلام فطالبه بالخروج فأبي فدعا عمر بحطب ونار. وقال: والذي نفس عمر بيده ليخرجن أو لأحرقنه على ما فيه.
فقيل له: إن فيه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وولد رسول الله