علي مع الحق والحق مع علي، يميل مع الحق كيف مال ولقد هممنا أن نصير إليه فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فجئناك نستشيرك ونستطلع رأيك فيما تأمرنا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام وأيم الله لو فعلتم ذلك ما كنتم إلا حربا لهم، ولا كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وقد اتفقت عليه الأمة، التاركة لقول نبيها، والكاذبة على ربها، ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لما يعلمون من وغر (1) صدور القوم وبغضهم لله عز وجل ولأهل بيت نبيه، وإنهم يطالبون بثارات الجاهلية، إلى أن قال عليه السلام: ولكن ائتوا الرجل فأخبروه بما سمعتم من نبيكم، ولا تدعوه في الشبهة من أمره ليكون ذلك أعظم للحجة عليه، وأبلغ في عقوبته إذا أتى ربه وقد عصى نبيه، وخالف أمره، فانطلقوا حتى حفوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يوم الجمعة.
فلما صعد أبو بكر المنبر ذكر كل واحد منهم كلاما في حق علي عليه السلام وفي فضله وما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، طوينا كشحا عن ذكره روما للاختصار، وأول من بدئهم بالقول خالد بن سعيد بن العاص، ثم باقي المهاجرين ثم من بعدهم الأنصار، فروي أنهم لما فرغوا من مقالتهم أفحم أبو بكر على المنبر حتى لم يحرجوا بإثم قال:
وليتكم ولست بخيركم، أقيلوني أقيلوني، فقال عمر بن الخطاب: أنزل عنها يا لكع، إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا المقام، والله لقد هممت أن أخلعك وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة، قال: فنزل ثم أخذ بيده وانطلق إلى منزله، وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله.
فلما كان في اليوم الرابع، جائهم خالد بن الوليد ومعه ألف رجل، وقال لهم:
ما جلوسكم؟ فقد طمع فيها والله بنو هاشم، وجائهم سالم مولى أبي حذيفة ومعه ألف