ابن محمد بن المنذر بن محمد بن المنذر، وحدثنا أبي، حدثنا عمي الحسين بن سعيد بن محمد ابن المنذر بن أبي الجهم، حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن علي عن محمد بن المنكدر عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وكانت ألطف نسائه وأشدهن له حبا قال: وكان لها مولى يحضنها ورباها وكان لا يصلي صلاة إلا سب عليا وشتمه فقالت له: يا أبة ما حملك على سب علي؟ قال:
لأنه قتل عثمان وشرك في دمه.
قالت: إنه لولا أنك مولاي ربيتني وأنت عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسر رسول لله (صلى الله عليه وآله)، ولكن اجلس حتى أحدثك عن علي وما رأيته منه، إعلم أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يومي وإنما كان نصيبي في تسعة أيام يوم واحد فدخل النبي صلى الله عليه وآله مخللا أصابعه في أصابع علي (عليه السلام) واضعا يده عليه وقال: يا أم سلمة أخرجي من البيت وأخليه لنا، فخرجت وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام ولا أدري ما يقولان حتى إذا قلت: قد انتصف النهار أقبلت فقلت: السلام عليكم ألج؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لا تلجي وارجعي مكانك، ثم تناجيا طويلا حتى قام عمود الظهر فقلت: ذهب يومي، وشغله علي عني، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب فقلت:
السلام عليكم، ألج؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله) لا تلجي فرجعت وجلست مكاني حتى إذا قلت: قد زالت الشمس الآن يخرج إلى الصلاة ويذهب يومي ولم أرقط أطول منه، فأقبلت أمشي حتى وقفت وقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فنعم فلجي، فدخلت وعلي واضع يده على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أدنى فاه من أذن النبي (صلى الله عليه وآله) وفم النبي على أذن علي يتساران وعلي يقول:
أفأمضي وأفعل؟ والنبي (صلى الله عليه وآله) يقول: نعم فدخلت وعلي معرض وجهه حتى دخلت وخرج وأخذني النبي (صلى الله عليه وآله) وأقعدني في حجره وألزمني فأصاب ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار، ثم قال: يا أم سلمة لا تلوميني فإن جبرائيل أتاني من الله تعالى يأمر أن أوصى به عليا من بعدي وكنت بين جبرائيل وعلي، وجبرائيل عن يميني وعلي عن شمالي، فأمرني جبرائيل أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة فاعذريني ولا تلوموني، إن الله عز وجل اختار من كل أمة نبيا واختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذه الأمة وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي.
وهذا ما شاهدت من علي الآن يا أبتاه فسبه أو فدعه فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار ويقول:
اللهم اغفر لي ما جهلت من أمر علي فإن وليي ولي علي وعدوي عدو علي، وتاب المولى توبة نصوحا وأقبل فيما بقي من دهره يدعو الله تعالى أن يغفر له (1).