لأرشدنك إلى فتى يقر الله به عينك فقلت: ارشدني رحمك الله قال: فأرشدني إلى باب دار فأتيت الدار التي وصف لي وأنا راكب على البغلة وعلي خلعتان، فقرعت الباب وناديت الخادم فأذن لي بالدخول فدخلت عليه فإذا أنا بفتى قاعد على سرير منجد، صبيح الوجه حسن الجسم فسلمت عليه فرد السلام بأحسن مرد ثم أخذ بيدي مكرما حتى أجلسني إلى جانبه، قال لي: والله يا فتى لأعرف هذه الكسوة التي خلعت عليك وأعرف هذه البغلة، ووالله ما كان أبو محمد وكان اسمه الحسن ليكسوك خلعتيه هاتين ويركبه على بغلته هذه إلا لأنك تحب الله ورسوله وذريته وجميع عترته، فأحب رحمك الله أن تحدثني بفضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
فقلت له: نعم بالحب والكرامة، حدثني والدي عن أبيه عن جده قال: كنا يوما عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) قعودا فأقبلت فاطمة وقد حملت الحسن على كتفها وهي تبكي بكاء شديدا وتشهق في بكائها فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يبكيك يا فاطمة لا أبكى الله عينيك؟ قالت: يا أبت فكيف لا أبكي ونساء قريش قد عيرتني قلن لي: إن أباك قد زوجك برجل فقير معدم لا مال له فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تبكي يا فاطمة فوالله ما أنا زوجتك، بل الله عز وجل زوجك من فوق سبع سماواته وأشهد على ذلك جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، ثم إن الله عز وجل اطلع على أهل الأرض فاختار من الخلائق عليا فزوجك إياه واتخذته وصيا، وعلي مني وأنا منه أشجع الناس قلبا وأعلم الناس علما وأحلم الناس حلما وأقدم الناس سلما والحسن والحسين ابناه سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وسماهما الله تعالى في التوراة على لسان موسى (عليه السلام) شبر وشبير لكرامتهما على الله تعالى.
يا فاطمة لا تبكي فإني إذا مضيت غدا إلى رب العالمين فيكون علي معي وإذا بعثت غدا فيجئ علي معي، يا فاطمة لا تبكي فإن عليا وشيعته هم الفائزون غدا، يدخلون الجنة، قال: فلما قلت ذلك للفتى قال: أنشدك الله وبالله عز وجل من أنت؟ قال: قلت أنا رجل من أهل الكوفة فقال:
أعربي أم مولى؟ قال: بل عربي شريف، قال: فكساني ثلاثين ثوبا في تخت (1) وأعطاني عشرة آلاف درهم في كيس ثم قال لي: أقررت عيني يا فتى أقر الله عينيك، ولم يسألني غير ذلك ثم قال لي:
إليك حاجة؟ فقلت له: تقضى إن شاء الله تعالى فقال: إذا أصبحت غدا فائت مسجد بني فلان حتى ترى أخي الشقي.
قال أبو جعفر: فوالله لقد طالت علي تلك الليلة حتى خشيت أن لا أصبح حتى أفارق الدنيا،