المسجد فسلما فلما نظر إليهما إمام المسجد قال لهما: مرحبا بكما وممن سميتما على اسمهما قال: وكنت جالسا وإلى جنبي فتى شاب فقلت له: يا شاب ما هذان الصبيان ومن هذا الشيخ الإمام؟
فقال: هو جدهما وليس في هذه المدينة رجل يحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) غير هذا الشيخ فقال: الله أكبر ومن أين علمت قال: علمت؟ أن من حبه لعلي سمى ولده باسمي ولدي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، سمى أحدهما الحسن والآخر الحسين.
قال: فقمت فرحا مسرورا حتى أتيت الشيخ فقلت له: أيها الشيخ أريد أن أحدثك بحديث حسن يقر الله به عينك فقال: نعم، ما أكره ذلك فحدثني يرحمك الله وإذا أقررت عيني أقررت عينك فقلت: أخبرني والدي عن أبيه عن جده قال: كنا ذات يوم جلوسا عند رسول الله إذ أقبلت فاطمة ابنته رضي الله عنها فدخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا أبة إن الحسن والحسين خرجا من عندي آنفا وما أدري أين هما وقد طار عقلي وقلق فؤادي وقل صبري، وبكت وشهقت حتى علا بكاؤها فلما رآها رحمها ورق لها وقال لها لا تبكي يا فاطمة فوالذي نفسي بيده أن الذي خلقهما هو ألطف بهما منك وأرحم بصغرهما منك، قال: ثم قام النبي (صلى الله عليه وآله) من ساعته ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إنهما ولداي وقرة عيني وثمرة فؤادي وأنت أرحم بهما مني وأعلم بموضعهما، يا لطيف بلطفك الخفي أنت عالم الغيب والشهادة، اللهم إن كان أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما حيث كانا وحيثما توجها.
قال: فلما دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما استتم الدعاء إلا وقد هبط جبرائيل (عليه السلام) من السماء ومعه عظماء الملائكة وهم يؤمنون على دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له جبرائيل: يا حبيبي يا محمد لا تحزن ولا تغتم وأبشر فإن ولديك فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما وهما نائمان في حظيرة بني النجار وقد وكل الله عز وجل بهما ملكا يحفظهما، فلما قال له جبرائيل (عليه السلام) هذا الكلام سرى عنه ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو وأصحابه وهو فرح مسرور حتى أتوا حظيرة بني النجار، فإذا الحسن والحسين نائمان وهما متعانقان، وإذا ذلك الملك الموكل بهما قد وضع أحد جناحيه بالأرض ووطأ به تحتهما يقيهما حر الأرض، والجناح الآخر قد جللهما به يقيمها حر الشمس فانكب النبي (صلى الله عليه وآله) يقبلهما واحدا فواحدا ويمسحهما بيده حتى أيقظهما من نومهما.
قال: فلما استيقظا حمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن على عاتقه وحمل جبرائيل الحسين (عليه السلام) على ريشة من جناحه الأيمن حتى خرج بهما من الحظيرة وهو يقول: والله لأشرفنكما اليوم كما شرفكم الله