بعثني بالحق نبيا لو قلت على الجبل لسار، فحرك علي (عليه السلام) شفتيه فاختلج البساط فمر بهم، قال جابر: فسألت سلمان فقلت: أين مر بكم البساط؟
قال: والله ما شعرنا بشئ حتى انقض بنا البساط في ذروة جبل شاهق وصرنا إلى باب كهف، قال سلمان: فقمت وقلت لأبي بكر: يا أبا بكر قد أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تصرخ في هذا الكهف بالفتية الذين ذكرهم الله في كتابه، فقام أبو بكر وصرخ بهم بأعلى صوته فلم يجبه أحد، ثم قلت لعمر: قم واصرخ بهم في هذا الكهف كما صرخ أبو بكر فصرخ عمر فلم يجبه أحد، ثم قلت لعبد الرحمن: قم واصرخ كما صرخ أبو بكر وعمر فصرخ فلم يجبه منهم أحد، ثم قمت أنا فصرخت بأعلى صوتي فلم يجبني أحد، ثم قلت لعلي بن أبي طالب: قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا الكهف فإنه أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن آمرك كما أمرتهم فقام علي (عليه السلام) فصاح بهم بصوت خفي فانفتح باب الكهف ونظرنا إلى داخله يتوقد نورا ويتألق إشراقا وسمعنا ضجة ووجبة شديدة وملئنا رعبا وولى القوم هاربين فناديتهم: مهلا يا قوم فارجعوا، فرجعوا فقالوا: ما هذا يا سلمان؟ قلت: هذا الكهف الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، والذين رأيتم هم الفتية الذين ذكرهم الله عز وجل الفتية المؤمنون، وعلي (عليه السلام) واقف يكلمهم فعادوا إلى موضعهم.
قال سلمان: وأعاد علي (عليه السلام) عليهم السلام فقالوا كلهم: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وعلى محمد رسول الله خاتم النبوة منا السلام أبلغه منا وقل له: قد شهدنا لك بالنبوة التي أمرنا الله قبل وقت مبعثك بأعوام كثيرة ولك يا علي بالوصية، فأعاد علي (عليه السلام) سلامه عليهم فقالوا كلهم: وعليك وعلى محمد منا السلام، نشهد بأنك مولانا ومولى كل من آمن بمحمد (صلى الله عليه وآله)، قال سلمان: فلما سمع القوم أخذوا بالبكاء والنحيب وفزعوا واعتذروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقاموا كلهم إليه يقبلون رأسه ويقولون: قد علمنا ما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدوا أيديهم وبايعوه بإمرة المؤمنين وشهدوا له بالولاية بعد محمد (صلى الله عليه وآله)، فجلس كل واحد مكانه من البساط وجلس علي (عليه السلام) في وسطه ثم حرك شفتيه فاختلج البساط فلم نشعر كيف مر بنا أفي البر أم في البحر حتى انفض بنا على باب مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: كيف رأيتم يا أبا بكر؟
قالوا: نشهد يا رسول الله كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما آمنوا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله أكبر لا تقولوا سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، والله لئن فعلتم لتهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين وإن لم تفعلوا تختلفوا، ومن وفى وفى الله له، ومن يكتم ما سمعه فعلى عقبه ينقلب فلن يضر الله شيئا، أفبعد الحجة والبينة والمعرفة خلف؟