البغاء فكلما فعلوا من الفسق خفت أوزارهم وسقط الحد والعذاب منهم ثم علموهم الحيلة في وطي الأمهات والبنات بأن يعقدوا معهن نكاحا ثم يطأهن علانية آمنين من الحدود ثم علموهن الحيلة في السرقة أن ينقب أحدهم نقبا في الحائط ويقف الواحد داخل الدار والآخر خارج الدار ثم يأخذه الآخر من النقب ويخرجان آمنين من القطع ثم علموهم الحيلة في قتل النفس المحرمة بأن يأخذ عودا صحيحا يكسر به رأس من أحب حتى يسيل دماغه ويموت ويمضي آمنا من القود ومن عدم الدية من ماله ونحن نبرأ إلى الله تعالى من هذه الأقوال الملعونة التي لم يعلقوا لها بقران ولا سنة وإنما تعلقوا فيها بتقليد مهلك ورأي فاسد واتباع الهوى المضل هذه وحد الزنا واجب على المستأجرة بل جرمها أعظم من جزم الزاني والزانية بعد استيجار لأن للمستأجر والمستأجرة على ساير الزنا جرما آخر وهو أكل المال بالباطل انتهى قال المصنف رفع الله درجته يو ذهب الإمامية إلى أنه إذا عقد على أمه وأخته وبنته نسبا أو رضاعا أو بإحدى المحرمات على التأبيد عالما بالتحريم والنسب فإنه لا يفيد إسقاط الحد بالوطي وقال أبو حنيفة يسقط لأن العقد بنفسه شبهة وقد خالف قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن مجرد العقد ليس شبهة دارئة للحد لأن المراد بالشبهة ما يكون موجبا للاشتباه ولا اشتباه في عدم صحة العقد على المحارم وجعل ذهب الإمامية العقد موجبا للشبهة ولا مخالفة للنص لأن الحد يجب على الزانية إذا لم تكن ثمة شبهة دارئة انتهى وأقول قد سبق الجواب عن هذا عن قريب وبعض ما نقلنا هناك عن ابن حزم ات ههنا أيضا وقد ذكر ابن حزم احتجاج الحنفية على هذه المسألة بوجه آخر يمكن إرجاعه إلى ما ذكره الناصب فقال احتج أبو حنيفة ومن قلده بأن اسم الزنا غير اسم النكاح فواجب أن يكون له غير حكمه فإذا قلتم زنا بأمه فعليه ما على الزاني وإذا قلتم تزوج أمه فالزواج غير الزنا فلا حد في ذلك وإنما هو نكاح فاسد فحكمه حكم النكاح الفاسد من سقوط الحد ولحاق الولد ووجوب المهر وما نعلم لهم تمويها غير هذا وهو كلام فاسد واحتجاج باطل وعمل غير صالح وأما قوله إن اسم الزنا غير اسم الزواج فحق لا شك فيه إلا أن الزواج هو الذي أمر الله تعالى به وأباحه وهو الحلال الطيب والعمل المتبرك وأما كل عقد أو وطي لم يأمر الله تعالى به ولا أباحه بل نهى عنه فهو الباطل والحرام والمعصية والضلال ومن سمى ذلك زواجا فهو كاذب آفك متعد وليست التسمية في الشريعة إلينا ولا كرامة إنما هي إلى الله تعالى قال الله تعالى إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بها من سلطان إلى قوله فلله الآخرة والأولى وأما من سمى كل عقد فاسد ووطي فاسد وهو الزنا المحض زواجا ليتوصل به إلى إباحة ما حرم الله عز وجل أو إسقاط حدود الله كمن سمى الخنزير كبشا ليستحله بذلك الاسم وكمن سمى الخمر نبيذا أو طلا يستحلها بذلك وكمن سمى البيعة والكنيسة مسجدا وكمن سمى اليهودية إسلاما وهذا هو الانسلاخ من الإسلام ونقض عهد الشريعة ولس في المحال أكثر من قول القائل هذا نكاح فاسد وهذا ملك فاسد لأن هذا كلام ينقض بعضه بعضا ولئن كان نكاحا أو ملكا فإنه ليصحح حلال طلق ومباح طيب ولا ملامة فيه ولا مأثم وكل ما كان فيه اللوم والإثم فليس زواجا ولا ملكا مباحا للواطي ولا كرامة بل هو العدوان والزناء المجرد لا شئ إلا فراش أو عهر حرام فإن وجد لنا يوما أن نقول نكاح فاسد أو زواج فاسد أو ملك فاسد فإنما هو حكاية أقوال لهم وكلام على معانيهم كما قال تعالى وجزأ سيئة سيئة مثلها وكما قال فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم والله يستهزئ بهم وقد علم المسلمون أن الجزاء ليس سيئة وأن القصاص ليس عدوانا وأن معارضة الله تعالى على الاستهزاء ليس مذموما بل جد حق فصح من هذا أن كل عقد لم يأمر به الله تعالى فمن عقده فهو باطل فإن كان عالما بالتحريم عالما بالسبب المحرم فهو زان مطلق نعوذ بالله منه انتهى قال المصنف رفع الله درجته يز ذهب الإمامية إلى أنه إذا تكامل شهود الزنا أربعة وشهدوا به عند الحاكم ثم غابوا أو ماتوا حكم الحاكم بشهادتهم ووجب الحد وقال أبو حنيفة لا يجوز الحكم بشهادتهم وقد خالفوا قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول إن صح ما رواه عن أبي حنيفة فلعله جعله شبهة دارئة للحد انتهى وأقول جواب الناصب غير مطابق لإيراد المصنف قدس سره لأنه أورد الاعتراض على أبي حنيفة في عدم تجويز الحكم بالشهادة لا في حكمه بإسقاط الحد وهو ظاهر جدا قال المصنف رفع الله درجته يح ذهب الإمامية إلى استحباب تفريق الشهود في الزنا بعد اجتماعهم للإقامة وقال أبو حنيفة إذا شهدوا في مجلس واحد ثبت الحد وإن شهدوا في مجلسين فهم قذفة يحدون والمجلس عندهم مجلس الحاكم فإن جلس الحاكم بكرة ويقم إلى الغروب فهو مجلس واحد فإن شهد اثنان فيه بكرة واثنان عشية ثبت الحد ولو جلس لحظة وانصرف وعاد فهما مجلسان وقد خالف قوله تعالى ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ولأن الواحد إذا شهد لم يكن قاذفا ولا لم يصر شاهدا بإضافة شهادة غيره إليه فإذا ثبت أنه لم يكن قاذفا كان شاهدا وإذا كان شاهدا لم يصر قاذفا بتأخر شهادة غيره من مجلس إلى مجلس آخر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن القاضي يفرق الشهود إذا كان ثمة ريبة ولا يحصل رفعها إلا بالتفرق و إن لم يكن ريبة فلا يجب عليه التفريق سواء كان في الزنا أو في غيره وإن صح ما نسب إلى أبي حنيفة فلعله جعله شبهة انتهى وأقول لا يشتبه على أحد أن تشنيع المصنف على أبي حنيفة ههنا من وجوه والناصب إنما تعرض لدفع واحد منها وهو حكمه بإسقاط الحد بأنه جعله شبهة مع أن فساده ظاهر لا شبهة فيه قال المصنف رفع الله درجته يط ذهب الإمامية إلى أنه إذا شهد أربعة ثم رجع واحد منهم لم يحد الثلاثة الباقية وقال أبو حنيفة يحدون وقد خالف العقل وهو أصالة البراءة وقوله تعالى ثم لم يأتوا بأربعة شهداء وهذا قد أتى ورجوع واحد لا يؤثر فيما ثبت والعجب أن أبا حنيفة قال لو شهد أربعة فرجم المشهود عليه ثم رجع واحد وقال تعمدت قتله لم يجب القود عليه وقد خالف النص والعقل قال الله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعل الله لوليه سلطانا وقال أيضا لو شهد اثنان أنه زنى بالبصرة وشهد آخران أنه زنى بالكوفة لم يجب عليهم حد ولا على المشهود عليه وقد خالف قوله تعالى ثم لم يأتوا بأربعة شهداء وهؤلاء لم يأتوا بأربعة شهداء لأن كل اثنين يشهدان على فعل غير الفعل الذي شهد الآخران عليه وقال لو شهد
(٤٦٧)