إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٦٣
ولو كن ثيبات وأسلمن معه فكذلك وقال أبو حنيفة يبطل نكاح الجميع مع عدم ترتب العقد ومعه يصح الأربع الأول خاصة وخالف قول النبي (ص) الغيلان بن سلمة الثقفي لما أسلم على عشرة اختار أربعا منهن وفارق سايرهن انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو أسلم وتحته أكثر من أربع وأسلمن معه وتخلقن وهن كتابيات أو مجوسيات أو وثنيات مدخول بهن اختار أربعا واندفع نكاح البواقي ولهن المهر تماما بعد الدخول ونصفا قبله ولو لم يكن المجوسيات أو الوثنيات مدخولا بهن تنجزت الفرقة والدليل عليه السنة ووجه ما ذهب إليه أبو حنيفة أنه إذا لم يرتب العقد فسد النكاح في الكل من الأصل فلا يكون له الاختيار بخلاف صورة الترتب انتهى وأقول ما ذكره في وجه ما ذهب إليه أبو حنيفة غيره موجه إذ سيجئ في المسألة الآتية إن أنكحة الكفار جايزة صحيحة خلافا للمالك فقط فما نسبه الناصب إلى أبي حنيفة في توجيه كلامه من أنه إذا لم يترتب العقد فسد النكاح في الكل من الأصل فاسد ومخالف لاتفاقه مع غيره في أن أنكحة الكفار جايزة صحيحة إلا ما خصه الشارع منها بالتحريم فالتفرقة بين المرتب وغير المرتب يكون مخالفا للنص كما ذكره (المص) قدس سره وتفصيل الكلام في هذه المسألة ما ذكره (المص) في نهاية الوصول حيث قال إن قوله (ص) لفيروز الديلمي وقد أسلم على عشر نسوة أمسك أربعا وفارق سايرهن محمول على ظاهره لا يفتقر إلى تأويل عندنا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة أنه متأول والأصل في ذلك أن الكافر إذا تزوج أكثر من أربع نسوة ثم أسلم تخير في إمساك أربع منهن ويفارق الباقي سواء ترتب عقدهن أو لا عندنا وعند الشافعي وقال أبو حنيفة يصح نكاح الأوايل دون الزايد على الأربع واستدل أصحابنا بهذا الحديث وتأوله أبو حنيفة بتأويلات ثلاثة الأول يحتمل أنه أراد بالإمساك ابتداء النكاح ويكون معنى قوله أمسك أربعا أنكح منهن أربعا ومعنى قوله وفارق سايرهن لا تنكحهن الثاني يحتمل أن النكاح كان واقعا في ابتداء الإسلام قبل حصر عدد النسائي في أربع وكان ذلك النكاح واقعا على وجه الصحة والباطل من أنكحة الكفار ليس إلا ما كان مخالفا لما ورد به الشرع حال وقوعها الثالث يحتمل أنه أمر بالتزويج باختيار أوايل النساء وهذه التأويلات وإن كانت منقدحة عقلا إلا أن القراين تدفعها فإن التأويل وإن احتمل لكن قد يجتمع قراين تدل على فساده وآحاد تلك القراين إن لم يدفعه لكن يخرجه بمجموعها عن أن يكون منقدحا غالبا والظاهر هنا قد اعتضد بقراين جعلته أقوى في النفس من التأويل المحتمل وإن استند إلى قياس أما التأويل الأول فبعيد لوجوه الأول أن المتبادر إلى الفهم من لفظ الامساك إنما هو الاستدامة دون الابتداء والتجديد الثاني أنه قابل لفظ الامساك بلفظ المفارقة و إنما يفهم من المفارقة المجانية بعد الاتصال الثالث أنه فوض الامساك والمفارقة إلى اختياره لوقوع الفراق بنفس الإسلام وتوقف النكاح على رضاء المرأة الرابع أنه لو أراد ابتداء النكاح لذكر شرايطه لأنه وقت الحاجة إليه لقرب عهده بالإسلام الخامس أمر الزوج بإمساك أربعة من العشرة وبمفارقة البواقي والأمر إما للوجوب أو الندب وحصر التزويج في العشر ليس واجبا ولا مندوبا إليه والمفارقة ليست من فعل الزوج حتى يكون الأمر متعلقا بها السادس الظاهر من الزوج المأمور إنما هو امتثال أمر النبي (ص) والمخالفة بعيدة ولم يقل أحد بتجديد النكاح في هذه الصورة فدل على أن المراد بالإمساك مفهومه الظاهر السابع أنه لا يتوقع في طرد العادة اتفاقهن على الرضا على حسب مراده بل ربما كان يمتنع جميعهن فكيف أطلق الأمر مع هذا الامكان الثامن قوله (ع) أمسك أمر وظاهره للإيجاب فكيف أوجب (ع) ما لم يجب ولعله أراد أن لا ينكح أصلا التاسع أنه ربما أراد أن لا ينكحهن بعد انقضاء وطره بهن وكون الحصر فيهن بل كان (الظاهر أنه سقط من شئ) ينبغي أن يقول أنكح أربعا من شئت من نساء العالمين من الأجنبيات فإنهن عنده كساير نساء العالم العاشر الزوج إنما سئل عن الامساك بمعنى الاستدامة لا لتجديد وعن الفراق بمعنى انقطاع النكاح والأصل في جوابه (ع) المطابقة وأما التأويل الثاني فبعيد (أيضا) لأنه لو لم يكن الحصر ثابتا في ابتداء الإسلام لما خلا ابتداء الإسلام عن الزيادة على الأربع عادة ولم ينقل عن أحد من الصحابة ذلك في ابتداء الإسلام ولو وقع لنقل وأما التأويل الثالث فكذلك (أيضا) لقوله (ع) لواحد كان قد أسلم على خمس نسوة اختار منهن أربعا وفارق واحدة قال المأمور وتعمدت إلى قدمهن عندي تذنيب وقد تأولوا قوله (ع) لفيروز الديلمي وقد أسلم على أختين أمسك أيتهما شئت وفارق الأخرى بما تقدم من التأويلات والتأويل الأول بعيد لما تقدم من الوجوه وكذا الثاني وقوله تعالى وإن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف قال المفسرون المراد به ما سلف في الجاهلية قبل بعثة النبي (ص) والثالث ههنا أبعد لقوله (ص) أمسك أيتهما شئت فإنه نص على التخيير وهو ينافي مذهبهم انتهى قال (المص) رفع الله درجته (ز) ذهبت الإمامية إلى أن أنكحة الكفار جايزة وقال مالك أنها باطلة وخالف قوله وامرأته حمالة الحطب وأقر النبي عليه السلام أبا سفيان لما أسلم قبل زوجته هند ثم أسلمت بعده على النكاح ولو كان فاسدا لم يقرهما وكذا غيرهما ولم يأمر أحدا بتجديد النكاح انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن الأنكحة الجارية في الكفر صحيحة يثبت بها المصاهرة وبقع فيها الطلاق ويحتاج إلى التحليل لو طلق ثلاثا ثم أسلم ووجه ما ذهب إليه مالك إن صح أن النكاح من أحكام الشرع وقبل الشرع لا يثبت الأحكام فتكون الأنكحة الجارية في الكفر باطلة في حد ذاتها وبالإسلام وتقرير النكاح واختياره يثبت النكاح المجدد انتهى وأقول المراد من التقرير في قول (المص) وأقر أبا سفيان (اه) تركه مع ما كان عليه من النكاح الواقع قبل استسلامه واتباعه للنبي (ص) لا ما يبحث عنه في الأصول من التقرير المقابل للقول والفعل لأن هذا إنما يكون عندما إذا ما فعل أحد فعلا بحضرة النبي (ص) حال نبوته فأقره (ع) ولم يمنعه منه ومن البين أن نكاح أبي سفيان وأمثاله إنما كان قبل زمان النبوة فلو كان نكاحا فاسدا لما جاز للنبي (ص) تقريره فلا يصح أن يقران بتقرير نكاحهم ثبت النكاح المجدد وكيف يتحقق النكاح المجدد بدون الصيغة المعتبرة في شريعته والحاصل أن ذلك التقرير مجرد أمر الله تعالى بأن يتركوا مع ما دانوا به في أيام كفرهم من اعتقاد صحة أنكحتهم فلا يجب التعرض لهم لأن الشارع أحدث نكاحا مجددا بينهم بتجويزه ذلك لهم والله تعالى أعلم بحقايق أحكامه قال (المص) رفع الله درجته (ح) ذهبت الإمامية إلى إباحة نكاح المتعة وخالف فيه الفقهاء الأربعة وقد خالفوا القرآن والإجماع والسنة النبوية أما القرآن فقوله تعالى فما استمتعتم به منهن وهو
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»