إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٥٦
بعضا وكان امرءا ورعا قال والله ما أدري أيكم قدم الله عز وجل ولا أيكم اخرفا أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم بينكم هذا المال بالحصص فادخل على كل ذي حق ما دخل عليه من العول قال ابن عباس وأيم الله لو قدم من قدم الله عز وجل ما عالت فريضته فقال له زفر وأيها يا ابن عباس قدم الله عز وجل قال كل فريضة لم يهبطها الله عز وجل عن فريضة إلا إلى فريضة فهذا ما قدم وما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فذلك الذي أخر ما التي قدم فالزوج له النصف فإن دخل عليها يزيله رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ والزوجة لها الربع فإن زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شئ والأم لها الثلث فإن زالت بشئ من الفرايض ودخل عليها صارت إلى السدس ولا يزيلها عنه شئ فهذه الفرايض التي قدم الله عز وجل والتي أخر فريضة الأخوات والبنات النصف فما فوق ذلك والثلثان فإذا زالتهن الفرايض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما يبقى فإذا اجتمع ما قدم الله عز وجل وما أخر يبدي بمن قدم فأعطى حقه كلا فإن بقي شئ كان لمن أخر وإن لم يبق شئ فلا شئ له فقال له زفر فما منعك يا ابن عباس أن تشير عليه بهذا الرأي قال ابن عباس هبته قال ابن شهاب والله لولا أنه تقدم إمام عدل كان أمره على الورع فأمضى أمرا فمضى ما اختلف على ابن عباس من أهل العلم اثنان فيما قال وبقول ابن عباس قال أبو سليمان وجميع أصحابهم وغيرهم فنظرنا فيما احتج به من ذهب إلى العول فوجدنا ما ذكره عمر من أنه لم يعرف من قدم الله تعالى ولا من أخر وزاد المتأخرون منهم أن قالوا ليس بعضهم أولى بالحطيطة من بعض فالواجب أن يعموا بالحطيطة وادعوا على من أبطل العول تناقضا في مسألة واحده فقط ما لهم حجة أصلا غير ما ذكرنا ولا حجة لهم في شئ منه ما قول عمر ما أدري أيهم قدم الله عز وجل ولا أيهم أخر الله فصدق ومثل لم يدع ما يبين له إلا أننا على يقين وثلج من أن الله تعالى لم يكلفنا ما لم يتبين لنا فإن كان خفي على عمر فلم يخف على ابن عباس وليس مغيب الحكم عمن غاب عنه حجه على من علمه وقد غاب عن عمر جواز كثرة الصداق وموت رسول الله (ص) وأما الكلالة وأشياء كثيرة فما كدح ذلك في علم من علمها وأما تشبههم ذلك بالغرماء والموصي لهم فباطل وتشبيه فاسد لأن المال لو اتسع على ما هو صح لوسع الغرماء والموصي لهم ولو وجد بحد التحاص مال للغريم لقسم على الغرماء والموصي لهم أبدا حتى لسعيهم وليس كذلك أمر الغرماء فإن كل ما خلق الله تعالى في الدنيا والجنة والنار والعرش لا يتسع لأكثر نصفين أو ثلاثة أثلاث أو أربعة أرباع أو ستة أسداس أو ثمانية أثمان فمن الباطل أن يكلفنا الله عز وجل المحال وما ليس في الوسع ومن الباطل أن يكلفنا من المحرج منذ لك والمخلص منه ما لم يبين علينا كيف نعمل فيه وأما قولهم ليس بعضهم أولى بالحطيطة من بعض فكلام صحيح أزيد فيه ما ينقص منه وهو الآن أن يوجب حط بعضهم دون بعض نص أو ضرورة ويقال لهم هنها أيضا ولا لكم أن تحصوا أحدا من الورثة مما جعل الله تعالى باحتياطك وضنك لكن بنص أو ضرورة وأما دعو التناقض من المانعين بالعول في المسألة التي ذكروا فسنذكرها إن شاء الله تعالى ونرى أنهم لم يتناقضوا فيها أصلا فإذا قد بطل كل ما شغبوا به فالواجب أن ننظر فيما احتج به المبطلون للعول فوجدنا ابن عباس في الخبر الذي أوردنا من طريق عبيد الله بن عبد الله عنه قد انتظم بالحجة في ذلك بما لا يقدر أحد على الاعتراض فيه وأول ذلك إخباره أن عمر أول من أعال الفرايض باعتراض أنه لم يعرف مراد الله تعالى في ذلك فصح أنه رأى لم يتقدمه سنة وهذا يكفي في رد هذا القول وأما ابن عباس فإنه وصف أن قوله في ذلك هو نص القرآن فهو الحق وبين أن الكلام في العول لا يقع إلا فريضة فيها أبوان وزوج وزوجة وأخوات وبنات فقط أو بعضهم ولا يشك ذو مسكة عقل في أن الله تعالى لم يرد قط إعطاء فرايض لا يسعها المال ووجدنا ثلث حجج قاطعة موجبة صحة قول ابن عباس إحداها التي ذكر من تقديم من لم يحطه الله تعالى قط عن فرض مسمى على من حطه عن الفرض المسمى إلى أن لا يكون له إلا ما بقي والثانية أنه بضرورة العقل عرفنا تقديم من أوجب الله تعالى ميراثه على كل حال ومن لا يمنعه من الميراث مانع أصلا إذا كان هو والميت حرين على دين واحد على من قد يرث لأن من لم يمنعه الله قط من الميراث لا يحل منعه مما جعل الله تعالى له وكل من قد يرث فبالضرورة ندري أنه لا يرث الأبعد من يرث ولا بد ووجدنا الزوجين والأبوين يرثون أبدا على كل حال و وجدنا الأخوات قد يرثن وقد لا يرثن ووجدنا البنات لا يرثن إلا بعد ميراث من يرث معهن والثالثة أن ننظر فيما ذكرنا فإن وجدنا المال يتسع بفرايضهم أيقنا أن الله عز وجل أراد بهم في تلك الفريضة نفسها بما سمي لهم فيها في القرآن وإن وجدنا المال لا يتسع لفرايضهم نظرنا فيهم واحدا واحدا فمن وجدنا ممن ذكرنا قد اتفق جميع الإسلام اتفاقا مقطوعا به معلوما بالضرورة على أنه ليس له (ظ) في تلك الفريضة ما ذكر الله تعالى اتفاقا قطعنا أن الله تعالى لم يرده قط فيما نص عليه في القرآن فلم نعطه إلا ما اتفق له عليه فإن لم يتفق له على شئ لم نعطه شيئا لأنه قد صح أن لا ميراث له في النصوص في القرآن ومن وجدنا ممن ذكرنا قد اختلف المسلمون فيه فقالت طائفة له ما سمى الله تعالى له في القرآن وقالت طائفة ليس له إلا بعض المسمى في القرآن وجب ولا بد يقينا أن يقضي له بالمنصوص في القرآن وأن لا يلتفت إلى قول من قال بخلاف النص إذا لم يأت في تصحيح دعواه بنص آخر وهذا غاية البيان ولا سبيل إلى شذوذ شئ من هذه القضية لأن الأبوين والزوجين في مسايل العول كلها يقول المبطلون للعول أن الواجب لهم ما سماه الله في القرآن وقال القائلون بالعول ليس لهم إلا بعضه فوجب الأخذ بنص القرآن لا يقول من خالفه وأما البنات والأخوات فقد أجمع القائلون بالعول والمبطلون له وليس في أهل الإسلام لهاتين الطائفتين ثالث ولا يمكن أن يوجد لهما ثالث إذ ليس في الممكن إلا إثبات أو نفي على أنه لا يجب في جميع مسايل العول لهن ما جاء في نص القرآن لكن أما بعض ذلك وأما لا شئ فكان إجماعهم حقا بلا شك وكان ما اختلفوا فيه لا يقوم به حجة إذ لم يأت به نص فوجب إذ لا حق لهن بالنص أن لا يعطوا إلا ما صح الاجماع لهن به فإن لم يجمع لهن على شئ وقد خرجن بالإجماع وبالضرورة عن النص فلا يجوز أن يعطين شيئا بغير نص ولا إجماع وهذا بيان لا إشكال فيه وبالله تعالى التوفيق وأما
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»