حقيقة في المتعة و (أيضا) قرأ ابن عباس إلى أجل مسمى وأما الاجماع فلا خلاف بين المسلمين في إباحتها واستمرت الإباحة مدة نبوة النبي (ص) وخلافة أبي بكر وكثير من خلافة عمر ثم صعد على المنبر وقال أيها الناس متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما وأما السنة فإنه روى عنه متواتر أنه رخص الصحابة في المتعة واستمتعوا في زمانه وأيضا أفتى بإباحتها أمير المؤمنين وابن مسعود وجابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع وابن عباس والمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان وابن جريح وسعيد بن جبير ومجاهد وعطار وغيرهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن نكاح المتعة حرام ولكن لا حد فيه لأنه ذهب إلى أن كل جهة صححها عالم سني بدليل قوي وأباح الوطي لها فلا حد وإن اعتقد الواطي التحريم وذلك كالوطي في النكاح بلا ولي كمذهب أبي حنيفة وبلا شهود كمذهب المالك وفي المتعة كمذهب ابن عباس والدليل على حرمة نكاح المتعة الكتاب والسنة والإجماع إما الكتاب فقوله تعالى والذين بفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والمتعة ليست بزوجة بالإجماع لأنها غير وارثة ولا مورثة وقد قال تعالى ولكم نصف ما ترك أزواجكم ولهن الربع مما تركتم وليس للمتمتعة الربع ولا للمتمتع منها النصف فلا تكون زوجة وليس بملك اليمين فالمبتغى لها يكون عاديا فيكون حراما وأما السنة فلما روي في الصحاح أن النبي (ص) قال لا نكاح إلا بولي وعن عايشة أن رسول الله (ص) قال أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل الحديث وعن ابن عباس عن النبي (ص) أنه قال البغايا التي ينكحن أنفسهن بغير بينة وهذه الأحاديث يدل على أن النكاح بلا ولي وبلا شهود حرام ونكاح المتعة كذلك فيكون حراما وأما الاجماع فلأن الصحابة أجمعوا على أن نكاح المتعة أحلت مرتين وتقرر الأمر على الحرمة ونقل عن ابن عباس أنه رجع في آخر عمره من القول بالمتعة فحصل الاجماع على حرمة نكاح المتعة وأما ما يستدل به فالآية أما منسوخة على قول أكثر العلماء بتخصيص العقد الحلال في النكاح الشرعي وأما المراد من الاستمتاع التمتع من النكاح الشرعي والمراد بالأجر الصداق وقراءة ابن عباس إلى أجل مسمى أن صح فمن الشواذ وليس بالحجة وأما ما استدل به من الاجماع فقد ذكرنا أن الاجماع منعقد بخلافة وأما ما ذكر من محرمات عمر فهذا افتراء لم يكن لعمر أن يحرم ما أحل الله ورسوله (ص) ولو كان فعل هذا مع كونه حلالا لانكمر؟ عليه الصحابة سيما أمير المؤمنين (ع) كما أنكر عليه باقي اجتهاداته فلما ذكره على المنبر ولم ينكر عليه أحد علم أن الأمر تقرر على الحرمة وأما قوله متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) فالمراد أنهما كانتا في بعض الأوقات وأما قوله أنا أنهي عنهما أن صح فالمراد أنا أبين أن الأمر تقرر على النهي لا أني أعمل برأي انتهى وأقول يتوجه عليه وجوه من الكلام وضروب من الملام أما أولا فلأن دعواه الاجماع على أن المتعة ليست بزوجة باطلة كاذبة من جملة مخترعا وحيث كان الخاين خايفا قرن دعوى الاجماع بالاستدلال عليها فقال لأنها غير وارثة وجوابه بعد التسليم عدم الإرث أنه منقوض بالذمية والأمة والقاتلة فإنهن أيضا لا يرثن وخروجهن بالإجماع معارض بوقوع الاجماع المركب على عدم إرث المتعة أيضا أما عندكم فلعدم الزوجية وأما عندنا فلعدم الدوام و التخصيص جايز بدليل غير الاجماع وهو موجود لتواتر الروايات عند الشيعة بعدم الإرث والحاصل كما مر في باب مطاعن عمر أن بعض الأحكام كالإرث والقسمة ليس من جملة لوازم الزوجية من حيث أنها زوجة بل هو تابع لصفات زايدة عليها كعدم مضرة الزوج وعدم اختلاف الدين وعدم مخالفة أمر الزوج في القاتلة والكتابية والناشزة وعدم الدوام في المتمتع بها فإن النفقة تسقط مع النشوز والميراث تسقط مع القتل والكفر والرق والمرتدة تصير باينا من غير طلاق والإحصان لا يثبت قبل الدخول بالزوجة والقسم لا يجب دائما بل يسقط في السفر فقد انتفت هذه الأمور مع صدق الزوجية فكما خصت تلك العمومات لوجود الدلالة فكذا ههنا ولا استبعاد في هذه الاختلاف لأن الأحكام الشرعية يختلف باختلاف المصلحة وأنما يمتنع ذلك في الأحكام العقلية ويؤيد ذلك ما مر نقلا عن الكشاف بقوله فإن قلت هل فيه دليل على تحريم المتعة قلت لا لأن المنكوحة نكاح المتعة من جملة الأزواج إذا صح النكاح انتهى وأيضا من البين أن المنكوحة بنكاح المتعة كانت زوجة حال الحكم بالإباحة وقبل النسخ الذي تدعيه أهل السنة فكيف ينتفى عنها اسم الزوجة بقوله تعالى إلا على أزواجهم وأي دلالة على ذلك وأما ما ذكره من أن المبتغى لنكاح المتعة حيث لا تكون زوجة ولا أمة تكون عاديا بمقتضى الآية فمدخول بأنه لو كان مقتفى الآية ما زعمه لكان العادي هو الله عز وجل الذي أحل المتعة مرتين كما اعترف به الناصب وأصحابه تعالى عن ذلك علوا كبيرا الآبق أن الآية قد نزلت عند نسخ المتعة والأحكام تابعة للمصالح فجاز أن يكون المتعة طاعة قبل النسخ عدوانا عنده فلا اعتراض على الله تعالى لأنا نقول إن الآية مدنية واردة قبل حجة الوداع والحل مروي فيها فيكف يكون ناسخا وبالجملة أن إثبات النسخ دونه خرط القتاد كما سيجئ مع أن النسخ إنما يكون عند التنافي وقد بينا أن المتعة زوجة قطعا فلا ينتهض الآية ناسخة لها فافهم وأما ثانيا غلان ما استدل به من السنة مجاب بأن القرآن أولى بالاتباع من الخبر الواحد مع أنهما معارضتان بما أحتج به داود على مذهبه من قوله البنت أحق بنفسها من وليها وبأحاديث أهل البيت (ع) مع أنهم أعرف بالأمور الشرعية لأن الوحي كان ينزل عليهم ويملي بأيديهم ومنقوضان بملك اليمين فإنه يصدق فيه النكاح مع عدم الافتقار إلى الشاهدين على أن الرواية الأولى يحتمل أن يكون المنفي فهيا الفضل والكمال كما أن المنفي في قوله تعالى لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ذلك والرواية الثانية ضعيفة كما ذكره المص في التذكرة من أن رواتها نقلوها عن الزهري وقد أنكرها قال ابن جريح سألت الزهري عنه فلم يعرفه ويؤيده ما ذهب أبو حنيفة موافقا للشعبي والزهري من أنه يجوز للمرأة أن تزوج نفسها وغيرها وتوكل في النكاح وتزوج ابنتها الصغيرة وما أستدل به على ذلك من قوله تعالى ولا تعضلوهن أن ينكحن أضاف النكاح إليهن وإن النكاح خالص حقهن وهي من أهل المباشرة فصح منها كبيع أمتها وأنها تملك بيع أمتها وهي تصرف في رقبتها وساير منافعها ويفيد استباحة المشتري للبضع ففي النكاح الذي هو عقد على بعض منافعها أولى وأما ثالثا فلأن ما ذكره من أنه نكاح بلا ولي وشهود فيكون حراما فمدفوع بأنه بعد تسليم صحة ما خذه الذي منها فيه لا اختصاص له بالمتعة فإن في اشتراط ذلك في النكاح الدايم قد وقع الخلاف من أبي حنيفة ومالك كما فصل في مقامه فما هو جوابهما فهو جوابهما بنا وأما.
(٤٦٤)