إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٨٠
أنهما شهدا بالزور ومنه في الفسخ الإقالة وقال في النسب لو دعى أن هذه بنته فشهد له بذلك شاهدا زور فحكم الحاكم بذلك حكما بثبوت النسب ظاهرا وباطنا وصار محرما لها ويتوارثان وقد خالف في ذلك قوله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم وأراد بالمحصنات درجات؟؟؟
علينا إلا بملك اليمين سببا واسترقاقا وأبو حنيفة أباحهن لنا بحكم باطل وقال الله تعالى فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره حكم بأنها إذا طلقها لا يحل له إلا بعد زوج وأبو حنيفة قال إذا جحد الطلاق فقضى له بها حلت له وأيضا قوله تعالى فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره دل على أنه حلال له ما لم يطلقها وأبو حنيفة يقول إذا قضى له بزوجة غيره حرمت الزوجة على زوجها بغير طلاق منه أو ادعت عليه أنه طلقها وأقامت بذلك شاهدي زور حرمت عليه وما طلقها وقال (ص) أنا بشر مثلكم وإنكم لتختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فاقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يجوز للعامي أن يتغافل ويتعامى عن مثل هذه المسايل ويقول إن هذا فقيه عظيم وإني طول عمري أقلده وكذا آبائي وجماعة كثيرة من الناس وكيف أخالف آبائي وأجدادي وأخالف الجماعة الكثيرة فإن هذا عذر لا يقبله الله تعالى منه في الآخرة ولا يسمعه الله تعالى انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن حكم القاضي ضربان أحدهما أن يكون تنفيذا لما قامت الحجة به فينفذ ظاهرا لا باطنا فلو حكم بشهادة زور لظهور العدالة لم يحل باطنا مالا كان أو نكاحا أو غيرهما فإن كان نكاحا لزمها الهرب والامتناع فإن وطئ فلا حد لأن أبا حنيفة يجعلها منكوحة بالحكم وإن كان طلاقا حل له وطيها إن تمكن منه ويبقى التوارث بينهما ولا يجب النفقة للحيلولة ولو تزوجت فوطئها الثاني جاهلا أو عالما ونكحها أحد الشاهدين ووطئها فوطي شبهة بمذهب أبي حنيفة الثاني أن يكون أنشأ كتفريق بين المتلاعبين وفسخ النكاح بالعيب وتسليط على أخذ بالشفعة فإن ترتب على أصل كاذب لم ينفذ وإن ترتب على أصل صادق ولم يكن في محل اختلاف المجتهدين يفذ؟ ظاهرا وباطنا وإن كان في محله فكذلك حتى يجوز للشافعي الأخذ بشفعة الجار والإرث بالرجم بحكم الحنفي ولا يجوز المنع منهما ويجوز الشهادة بما لا يعتقد الشاهد كالشافعي يشهد بشفعة الجار والإرث بالرجم بحكم الحنفي ولا يجوز المنع منهما ويجوز الشهادة بما لا يعتقد الشاهد كالشافعي يشهد بشفعة الجار ولو قال رجلان لقاض حكم فلان بيننا بكذا ونريد أن تحكم بيننا باجتهادك ونرضى بحكمك لم يجبهما هذا مذهب الشافعي في نفوذ القضاء بحسب الظاهر والباطن وأما ما نقل عن أبي حنيفة فقد ذكرنا وجهه فيما سبق وأنه ذهب إلى نفوذ الحكم ظاهرا وباطنا بما رواه من قضاء أمير المؤمنين علي (ع) بهذا حيث قال شاهداك زوجاك فلا يأتي عليه ما ذكره من التفضيحات والتشنيعات وقد ذكرنا أن أمثال هذه الأمور مسايل اجتهادية وللجاهل أن يقلد من يعلم أنه مجتهد و يعتقد فيه إصابة الحق ولا اعتراض على انتهى وأقول ويتوجه على الناصب البحث إجمالا وتفصيلا أما إجمالا فلتأييد ما ذكره المصنف رفع الله درجته بما ذكره شارح الوقاية في مسألة رفع العقد حيث قال إن هذا مشكل جدا لأن الحرام المحض وهي الشهادة الكاذبة كيف يكون سببا للحل انتهى وكذا يتأيد بما ذكره الغزالي في المنحول حيث قال بعد عد بعض الفتاوى الشنيعة لأبي حنيفة في فروع الشريعة أنه أردف جميع قواعد الشريعة بأصل هدم به شرع محمد (ص) قطعا حيث قال شهود الزور إذا شهدوا كاذبين على نكاح زوجة الغير وقضى به القاضي بخطأ حلت الزوجة للمشهود له و إن كان عالما بالتزوير وحرمت على الأول بينه وبين الله تعالى ولولا شدة الغباوة وقلة الدراية وتدرب للقلوب على اتباع التقليد والمألوف لما اتبع مثل هذا المتصرف في الشرع من سلم حسه فضلا عمن يشتد نظره ولهذا اشتد المطعن والملعن من سلف الأئمة فيه إلى أن تموه يرومه حرم الشرع وهو الذي قطع به القاضي أبو بكر في قوله في مسألة المثقل وقال من زعم أن القاتل لم يتعمد القتل به إن لم يعلم يقضه فليس من العقلاء وإن علمه فقد رام خرم الدين انتهى وقال ابن حزم عندما نقل عن مالك إنفاذ القاضي ما فعل الحر من التنبيه المفسد حقا وبيوع الغبن قبل أن يحجر القاضي عليه فكان فعل القاضي أنفذ من حكم الله تعالى ولا كرامة لوجه القاضي كاينا من كان فما جعل الله قط حكم القاضي محللا ولا محرما وإنما القاضي منفذ بسلطانه على من امتنع فقط ولا خصلة له غيرها ولا معنى له سوى هذا وإلا فليأتوا بآية أو سنة بخلاف هذا ويأبى الله من ذلك وهذا كله لا ندري من أين أخذه انتهى وأما تفصيلا فلأن قوله فإن وطي فلا حد لأن أبا حنيفة بجعلها منكوحة بالحكم أشد شناعة من فتوى أبي حنيفة فإنه إذا ظهر على الشافعي في اجتهاده الذي وجب عليه العمل بمقتضاه بطلان نفوذ حكم القاضي ظاهرا أو باطنا فقد ظهر عليه بطلان حكم أبي حنيفة بالنفوذ فكيف يحكم بدفع الحد عن الرجل المذكور بناء على حكم أبي حنيفة بأنها منكوحة له وهل هذا إلا بناء الفاسد على مثله وأما ما نقله من حكم أبي حنيفة بأنه لو تزوجت فوطئها الثاني عالما أو أحد من شاهدي الزور يكون وطئ شبهة فلا شبهة في بطلانه إذ الفرض علمهم بالتزوير وعدم الاشتباه في العدوان فلا شبهة دارة للحد وأما ما ذكره من أنه يجوز للشافعي الأخذ بشفعة الجار والإرث بالرجم بحكم الحنفي إلى آخره فبطلانه ظاهر لأنه يلزم إمامهم الشافعي تجويز العدول عما وجب عليه من الظن في المسألة رعاية لما حكم هو بفساده من خلاف أبي حنيفة و يلزم العامل بالشفعة مثلا من الشافعية أن يطلب ما لم يعتقد كونه حلالا له وأما ما ذكره في وجه فتوى أبي حنيفة وأنه قد استند في ذلك بما رووه من قضاء أمير المؤمنين (ع) ففيه أن القدر الذي نقله من الرواية لا دلالة له على صحة فتوى أبي حنيفة إذ لا يظهر منه علمه (ع) بتزوير الشاهدين هناك ولو ظهر أن في سياق تلك الرواية وسياقه دلالة على ذلك فنقول إن تلك الرواية افتراء عليه (ع) وكيف يمكن أن يكون قضاء أمير المؤمنين (ع) مخالفا لما نص عليه أقضي قضاة العالمين ومؤيد الخلق أجمعين وسيد الأولين والآخرين في تصريحه بأن قضائه مقصور على الظاهر ولا ينفذ في الباطن فقضاء واحد من الناس كيف ينفذ في الباطن وبالجملة قد قلب أبو حنيفة القضية وغير الأمر عن حقيقته لظهور أن القضاة إنما نصبوا للإنصاف والانتصاف
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480