إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٥٣
بنتا وأختا وعما وهو يقتضي (أيضا) توريث العم دون الأخت ويعكسون الحكم ومنها ما لو خلف بنتا وبنت ابن وأخوة لأب ومقتضا توريث الزايد للأخوة للأب وحرمان بنت الابن وهم لا يقولون به بل يجعلون لبنت الابن السدس ولا باقي للأخوة إلى غير ذلك من الأمثلة والاعتراض بها إلزام فلا يقدح عدم ذهابنا إليها والاعتذار عن توريث بنت الابن السدس بأنه تكملة الثلثين الذين فرضهما الله تعالى للبنتين وصدق اسمهما على بنت الصلب وبنت الابن بأن ذلك لو تم لزم تساويهما فيهما ولا يقولون به وكما يصدق أنه خلف بنتا للصلب يصدق أنه خلف بنتين إن جعلنا ولد الولد ولدا حقيقة وإلا لم يدخل في الآيتين ولم يشارك في الثلثين وأما الخبر الثاني فراويه مطعون فيه عند أهل الحديث بما هو مذكور عندهم وإنه لم يرو إلا هذا الخبر على ما ذكره بعضهم ومعارض بما نقله الإمامية كما ذكرناه وإنه (ص) ورث بنت حمزة جميع ماله وعدم تسليم النقل مشترك وقد ألزمهم أصحابنا بإلزامات شنيعة مترتبة على هذا القول مذكورة في المطولات ولا يغرنك نسبة هؤلاء حديثهم إلى بعض أصحاب النبي (ص) المشهورين بجلالة القدر ونبالة الذكر أو إلى بعض التابعين الذين اتفق لهم في الأمة ثنا جميل ليزينوا ذلك في نظر الجهال ويوقعوا في أوهامهم انتساب أنفسهم إلى سنة الرسول المفضال فإنك إذا تأملت في حالهم ومقالهم أدنى تأمل علمت أنهم لم يعتدوا بسنة النبي (ص) ولم يعتنوا بالجماعة الكرام من آله وأصحابه العظام وإنما هم أهل سنة معاوية الطليق وجماعة جروه الزنديق وبالجملة ليس لهم سوى إحسان ظن بأقوال أسلافهم من جهال الصحابة وفساق التابعين بلا برهان من الله ورسوله قادهم إلى ذلك وهذا ميراث لهم بالتعصيب من العصابة الذين عارضوا دين الرسل بما كان عليه الآباء والأسلاف وأصروا في الشقاق والخلاف انتهى قال (المص) رفع الله درجته ذهبت الإمامية إلى بطلان العول وخالف فيه الفقهاء الأربعة وقد خالفوا في ذلك العقل والنقل قال ابن عباس سبحان الذي أحصى رمل غالج عددا جعل في المال نصفا ونصفا وثلثا ذهب النصفان بالمال فأين الثلث فقيل له من أول من أعال الفرايض فقال عمر بن الخطاب قيل له هلا أشرت عليه قال هبته انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول العول في الميراث ثابت بالإجماع وذلك للضرورة الداعية إليه لاجتماع الفروض فتارك العول تارك أمر الله تعالى لأن المفروض إذا زادت على المال كيف يحكم فيها إن لم يكن العول إن أعطى بعضهم وترك البعض لزم مخالفة أمر الله تعالى والترجيح بلا مرجح فلزم القول بالعول ولا يعال إلا عند الضرورة الجالبة إلى مخالفة النص وأما ما ذكره أن أول من أعال في الفرايض عمر بن الخطاب فلا يبعد هذا وهو خليفة مجتهد ووافقه الصحابة فصار مجمعا عليه ولم يكن لابن عباس أن يشير إلى عمر لأنه تلميذ عر ولو قال هذا فلا يقدح في الاجماع بعد دخوله فيه أولا انتهى وأقول فيه نظر أنا أولا فلعدم انتظام كلامه عند دعوى الاجماع حيث ادعى أولا أن العول ثابت بالإجماع ثم فرع عليه بقوله فتارك العول أمر الله تعالى فإنه لا يعهد أن يقال في ترك الاجماع إنه تارك أمر الله تعالى وإنما يقال أنه خلاف الاجماع وبالجملة لا يلزم خلاف الاجماع ولا الترجيح من غير مرجح أما الأول فلأن أصل وقوع الاجماع في ذلك (مم) لما ذكر (المص) من إظهار ابن عباس المخالفة بعد عمر وما ذكره الناصب من أن مخالفته لا يقدح في الاجماع بعد دخوله فيه أو لا مردود بأن دخوله فيه أولا لو سلم فقد ظهر أنه كان وجه على السكوت السكوت لا يدل على الموافقة فلا ينعقد به الاجماع ومن المضحكات دعواه أن ابن عباس كان تلميذا لعمر الجاهل الذي قد مر أنه اعترف بأن كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في الحجال وأما لزوم الترجيح من غير مرجح فإنه غير واقع (أيضا) لأن ما توهم لزوم ذلك فيه من صور القول بعدم العول وهو اعتبار النقص على البنتين إذا اجتمعتا مع أبوين وزوج أو زوجة لا على الزوجين له مرجح هو حصول النصيب الأدنى للبنتين (أيضا) وتوضيح أن كل واحد من الزوجين له سهمان أعلى وأدنى وليس للبنت والبنتين والأختين ولولا قولنا الأسهم واحد فإذا دخل النقص عليها استوى ذووا السهام في ذلك فالمرجح هو تحقق هذا التعادل المألوف من الشارع اعتباره إياه وتحقيق الكلام وتوضيح المرام في الاحتجاج و الالزام ما ذكره بعض مشايخنا الأعلام كثرهم الله بين الأنام حيث قال قد اختلف المسلمون في هذه المسألة فذهب الجمهور منهم إلى القول بالعول بأن تجمع السهام كلها وتقسم الفريضة عليها ليدخل النقص على كل واحد بقدر فرضه كأرباب الديون إذا ضاق المال عن حقهم قالوا أول مسألة وقع فيها العول في الإسلام في زمن عمر حين ماتت امرأة في عهده عن زوج وأختين فجمع الصحابة وقال لهم فرض الله تعالى للزوج النصف وللأختين الثلثين فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه فأشيروا علي فاتفق رأي أكثرهم على العول ثم أظهر ابن عباس رضي الله عنه الخلاف وبالغ فيه واتفقت الإمامية على عدمه وإن الزوجين يأخذان تمام حقهما وكذا الأبوان ويدخل النقص على البنات ومن تقرب بالأبوين أو بالأب وبه كان يقول من الصحابة أمير المؤمنين (ع) وإن كان الجمهور ينقلون عنه خلافه وابن عباس بالاتفاق ومن التابعين ومحمد بن الحنفية والباقر والصادق (ع) ومن الفقهاء داود بن علي الإصفهاني ولكل من الفريقين على مدعاه أدلة نحن نذكر خلاصتها فأما القائلون ببطلانه فاستدلوا بالمعقول والمنقول أما الأول فمن وجوه الأول أنه يستحيل أن يجعل الله تعالى لمال نصفين وثلثا أو ثلثين ونصفا ونحو ذلك مما لا يفي به وإلا لكان جاهلا أو عابثا تعالى الله عن ذلك وقد تبين في علم الكلام ما يدل على استحالته الثاني أن العول يؤدي إلى التناقض والإغراء بالقبيح وهما باطلان أما الأول فلأن إذا فرضنا الوارث أبوين وبنتين وزوجا وجعلنا فريضتهم من اثني عشر وأعلناها إلى خمسة عشر فأعطينا الأبوين منها أربعة أسهم من خمسة عشر فليست سدسين بل خمسا وكذلك الثمانية للبنتين ليست ثلثين بل ثلثا وخمسا وذلك تناقض إذ يصدق بالضرورة أن كل واحد من السهام المذكورة ليس هو المفروض له شرعا وأما الثاني فلأن الله تعالى قد سمى الخمس باسم الربع والخمس والثلث باسم الثلثين والخمس وثلثه باسم الثلث ولا نعني بالإغراء إلا ذلك الثالث أنه إن وجب كون الذكور أكثر سهاما من الآفات
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»