إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٦١
لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها والسنة المشهورة يزيد على الكتاب على ما مر ثم إن لرضى المرأة أي تأثير في الجمع فإن أحل الله تعالى تلك المرأة فعدم رضى الضرة لا يحرمها وإن حرمها فرضاها لا يحلها وهذا من الاختراعات في الدين انتهى وأقول بعد تسليم جواز تحصيص الكتاب أو نسخه بالخبر الواحد إنه يكفي قدحا في الخبر المذكور كون راويه أبا هريرة قم لائم تحقق الشهرة الموجبة للزيادة على الكتاب وذكرها في الصحاح لا يوجب الشهرة وإنما المسلم شهرتها عند من عمل بها وأفتى بمضمونها وهذا مما لا يسمن ولا يغني من جوع كما لا يخفى وأما ما ذكره بقوله ثم إن لرضى المرأة (اه) مدخول ومعارض بكثير مما عدا تلك النساء المحرمات المذكورة في الآية حيث دلت السنة على اشتراط إذن الولي في نكاح بعض ذلك إذ يمكن أن يقال هناك أنه إذا رضى المرأة وأحلها الله تعالى فعدم رضى الولي وإذنه لا يحرمها وإن حرمها فرضاه وإذنه لا يحلها وبالجملة روايات أهل البيت عليهم السلام دلت على اشتراط الرضا عن العمة والخالة وأهل البيت أبصر بما في البيت و (أيضا) المقتضي للتحريم وهو البغض والأداء إلى قطيعة الرحم منفي ههنا الآن مع رضاهما ينتفي هذا المعنى فينتفي الحكم المعلق عليه وهو التحريم ويبقى الدليل على الإباحة من القرآن والأحاديث سالما عن المعارض و الحاصل أن الحكمة في ذلك مثل ما ذكره في حرمة الجمع بين الأختين وهو أنه لما كانت الحكمة والغرض من التناكح حصول الاجتماع الموجب للمودة مع حفظ بقاء النوع وكانت الطباع تنفر عن تأكيد المشاركة في الخيرات وتحب الاختصاص لها كانت المشاركة ملزومة للتباغض المنافي للمحبة والألفة حرم الجمع بين الأختين لئلا يقع التباغض الشديد الذي يتوقع وقوعه بنى ذوي القربى في ذلك ولا يؤدي إلى شدة تبغيض الرجل الجامع بينهما لكن لما كانت العمة أكبر سنا من ابنة الأخ غالبا وكذا الخالة عن بنت الأخت لم تكن غيرتهما بمثابة غيرة الأختين الشابتين المتقاربتين في السن غالبا فاكتفى في حفظ المودة النسبية باشتراط رضاء العمة والخالة المورثة لعدم صدور النفرة والبغض عنهما بعد ذلك ويدل على ما ذكرناه (أيضا) ما رواه صاحب الينابيع من قوله (ع) لا ينكح المرأة على عمتها وخالتها حذرا من قطيعة الرحم ووقوع المعاداة بين المحارم انتهى قال (المص) رفع الله درجته (د) ذهبت الإمامية إلى تحريم البنت المخلوقة من الزنا على الأب والأخ والعم والخال وكذا باقي المحرمات المؤبدة بالنسب وقال الشافعي يجوز ذلك كله فجوز أن ينكح الرجل بنته من الزنا وأمه وأخته وعمته وخالته وكل من حرمه الله تعالى في كتابه وكذا من يجتمع فيها سببا تحريم أو أسباب كأم هي أخت أو بنت بنت بنت أو عمة هي خالة وهذا بعينه مذهب المجوس نعوذ بالله تعالى من المصير إلى ذلك وقد قال الله حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وهذه صفات حقيقية لا يتغير بتغير الشرايع والأديان ومنع إلحاقهم بالأنساب في الميراث وغيره من الحقوق الشرعية لا يخرجهم عن الصفات الحقيقية ولهذا يضاف إليه فيقال ابنته وأمه وأخته من الزنا وليس هذا التقييد موجبا للمجازية كما في قولنا أخته من النسب ليفصلها عن أخت الرضاع ولأن التحريم شامل لمن يصدق عليه هذه الألفاظ حقيقة أو مجازا إجماعا فإن الجدة داخلة تحت الأم مجازا وكذا بنت البنت ولا خلاف في تحريمهما بهذه الآية انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو زنى بامرأة فولدت بنتا لم تحرم على الزاني وعلى أبيه وابنه وحرمت على أبيها وابنها وإن ولدت ابنا حرمت هي وأمها وبنتها عليه ولا يحرم عليه أم الزاني وابنته من غيرها والدليل عليه السنة المشهورة وهي ما روي أن رسول الله (ص) قال الولد للفراش وللعاهر الحجر جعل الولد للفراش ولم يجعله للزاني وقد تقرر في الأصول أن الحقيقة الشرعية إذا وردت على الحقيقة اللغوية يصير الحكم في الشرع للحقيقة الشرعية دون اللغوية والصلاة إذا أطلقت في الشرع يختص قطعا بالعبادة التي هي ذات الأركان فولد الزنا إذا حكم الشرع بأنه ليس بالولد لأن الولد للفراش لا يكون ولدا في الشرع ولا يغلب عليه الحقيقة اللغوية لأن الشرع أبطلها فولد الزنا ليس بولد وإذا لم يكن ولدا يجري عليه أحكام الأجنبي فيصح نكاح المولودة من الزنا لأنها أجنبية في حقيقة الشرع وهذا في غاية الظهور وأما ما ذكر إن هذا مذهب المجوس فإن المجوس يحللون البنات المولودة على الفراش ويطلقون عليها البنت في شريعتهم ثم يتزوجونها والشريعة المحمدية حكم بنفي ولدية المولود من الزنا ثم جوزت نكاحها لأنها أجنبية ولو أن المجوس جعلها أجنبية ثم نكحها لكانت صحيحة ومن العجايب أن ذاهب مذهب المجوس في إشراك فاعل الشر يمجس المسلمين وما أحسن ما قلت شعر (يمجس رافضي ذو اعتزال بخلق الفعل بين المسلمينا فواعجبا من التمجيس منه مجوسي يمجس مؤمنينا) ثم ما ذكر أن هذه صفات حقيقية لا يتغير بتغير الشرايع والأديان فتقول نعم لا يتغير كون الولد من مائة لكن أحكام الشرع في حق هذا الولد وهو التزوج والتزويج والتورث والتوريث يعتبر بنظر الشرع وهذا يتغير بتغير الشرايع والأديان وهذا الرجل بها الكلام يعترض على الشريعة فإن مقتضى كلامه إن الشرع كان ينبغي أن يعتبر في الولدية الحصول من الماء لأن الولدية لا يتغير بالزنا وغيره نعوذ بالله من هذا الاعتقاد وهذا عين الالحاد والزندقة والاعتراض على الشرايع انتهى وأقول فيه نظر أما أولا فلأن تمام الحديث المشهور الذي ذكره الناصب على ما في المشكاة رواية عن عايشة أنها قالت كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن وقاص إن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال إنه ابن أخي وقال عبد بن زمعة أنه أخي فتساوقا إلى رسول الله (ص) فقال سعد يا رسول الله (ص) إن أخي عهد إلي فيه وقال عبد بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فقال رسول الله (ص) هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر ثم قال لسودة بنت زمعة احتجبي منه لما أرى من شبهه بعتبة فما رآها حتى لقي الله انتهى وقال الطيبي في شرحه إن الوليدة الأمة كانوا في الجاهلية يضربون الضرايب على الإماء فتكتسبن الفجور وكانت السادة يأتونها (أيضا) فإذا جاءت بولد ولم تلحقه الزاني أو السيد لحق به وإن تنازعا عرض عيل القايف وكان عتبة صنع هذا الصنع فوصى أخاه انتهى إذا تمهد هذا فنقول إن الحديث حسما علم من شأن وروده وتقرير الطيبي إياه إنما يدل على أن الأمة إذا زنت فولدت على فراش المالك من الزنا فالولد كأمه مرتبط
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»