الكافر المسلم من غير بيان إرث المسلم عن الكافر وعدمه وأجيب عن الحديث الثاني بأنه محمول على نفي التوراث من الجانبين لأن التفاعل يقتضي ذلك وهو لا ينفي ثبوته من أحد الطرفين وروى الأصحاب عن النبي (ص) أنه قال نرثهم ولا يرثونا إن الإسلام لم يزده إلا غرا في حقه والإجماع الذي ذكره إنما هو إجماع النواصب وإلا فأهل البيت الذين هم أبصر بما فيه مخالفون لذلك وقد صرحوا بأن عقيل إنما باع تلك الدور ولعدم مبالاته بغصب مال الغير سيما أقاربه وإخوانه ولهذا قال علي (ع) في بعض كلماته أنه جلف جاف كما مر في مسألة الإمامة ويؤيده عدوله عن علي (ع) إلى معاوية ويدل على ما ذكرناه (أيضا) ما يشعر به نقل الناصب من بيعه دار رسول الله (ص) (أيضا) لظهور أنه لم يكن له حق الإرث في بيت رسول الله (ص) سيما في حال حياته (ص) وأما ما ذكره من أن قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم خطاب للمؤمنين وولد الكافر ليس منا حتى يدخل في الخطاب مردود بما مر من أن الكافر مخاطب بالفروع فيكون داخلا في الخطاب المذكور وأما الولد فالفرض أنه مسلم فهو داخل اتفاقا ومعدود منا قطعا فكيف يقول أن ولد الكافر ليس منا حتى يدخل في الخطاب وهل هذا الكلام الواهي إلا صادرا عن البهت والاضطراب كما أن سكوته عن التعرض لاستدلال (المص) بحديث علو الإسلام وما في معناه صادر عن العجز والخفض في الجواب نعم الإسلام يعلو ولا يعلى عليه كما قال الصادق (ع) قال (المص) رفع الله درجته ذهبت الإمامية إلى أنه لا ميراث بل إنما يرثون بالفرض المسمى أو القرابة أو السبب من الزوجية والولاء وقال الجمهور يرث التعصيب وقد خالفوا قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيب مفروضا فذكر سبحانه أن للنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون كما للرجال وقال جابر عن زيد بن ثابت من قضاء الجاهلية أن يورث الرجال دون النساء وقال الله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض وإنما أراد الأقرب فالأقرب إجماعا والبنت أقرب من ابن العم و (أيضا) يلزمهم أن يكون ولد الصلب أضعف سببا من ابن ابن العم كما لو ترك ابنا وثمانية وعشرين بنتا للابن سهمين من ثلثين ولكل بنت سهم ولو ترك عوض الولد ابن ابن ابن عم لكان ابن ابن ابن العم عشرة من ثلثين والباقي للبنات انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن ما فضل من ذوي الفروض للعصبات ولو لم يكن التعصيب من أسباب الوراثة لم يظهر فايدة في تعيين الفروض لأن الفاضل عن الفرض لازم فإن قلت بالرد فلم لا يعين أولا ما يستغرقه ذوو الفروض والإجماع واقع على توريث أنباء الأعمام وهم ليسوا من ذوي الفروض وأما ما ذكر من الدليل على بطلان التعصيب من قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون فلا شك أن العصبة هم الأقربون وقضاء الجاهلية يقتضي عدم توريث النساء والشريعة جعل للنساء نصيبا من الفرض فليس من قضاء الجاهلية وما ذكر من أن البنت أقرب من ابن العم فالبنت لها فرض معلوم تأخذه بنص الكتاب والباقي للعصبة لأنهم عصبه المية وجماعته فلهم قرابته ثم إن البنت لو جاز الميراث مع وجود أبناء الأعمام لزم إبطال حقوق عصب الميت وقبيلته فإن البنت تذهب بالمال إلى بيت الأجانب فيلزم الاجحاف لقبيلة الميت وإبطال حقوق أهلها وذويه وما ذكر من لزوم كون ولد الصلب أضعف سببا من ابن ابن ابن العم فغير لازم لأن السبب أقوى ولكن كثرة البنات قللت نصيبه وذلك لقوة السبب ألا ترى أنه لو ترك ابنا من الصلب وابن عم فضلا عن ابن ابن ابن عم فالولد الصلب يجوز كل المال ولا يذهب ابن العم بفلس ومن ههنا يظهر قوة السبب ومسايل الفرايض بمقائيس العقل انتهى وأقول فيه نظر من وجوه إما أولا فلأن ما ذكره من أنه لو لم يكن التعصيب من أسباب الوراثة لم يظهر فايدة في تعيين الفروض أو مردود بأن الفايدة ظاهرة ذ عند اجتماع ذوي الفروض ولا يلزم وجودها في جميع الصور فعدم ظهورها عند أفراد البنت مثلا لا يقدح في إفادتها (مط) وأما ما ذكره بقوله فإن قلت بالرد فلم لا يعين أو لا ما يستغرقه ذوو الفروض فهو في الحقيقة اعتراض على الله تعالى ورسوله (ص) فإن هذا الرد واقع في غير صورة التعصيب (أيضا) اتفاقا وأما ثانيا فلأن مجموع ما ذكره (المص) قدس سره من قوله وقد خالفوا قوله تعالى للرجال نصيب الآية مع ما ورد في شأن نزولها من حديث جابر دليل واحد لا دليلان كما توهمه الناصب وتكلم على كل منهما على حدة بما شاء وحاصل الاستدلال أن الظاهر من الآية المذكورة هو العموم للرجال والنساء مع التساوي في الدرجة لأن الرد على أهل الجاهلية كما دل عليه خبر جابر لا يتم إلا بذلك والقايل بالتعصيب لا يورث الأخت مع الأخ ولا العمة مع العم مع كونهما في درجة واحدة فافهم وأما ثالثا فلأن ما ذكره من أن البنت لها فرض معلوم (اه) لا يدفع ما لزم القوم من مخالفة الأولوية المستفادة من آية أولي الأرحام للبنت بالنسبة إلى ابن العم من العصبة كما لا يخفى وأما رابعا فلأن قوله ثم إن البنت لو حاز الميراث مع وجود أبناء الأعمام لزم إبطال حقوق عصبة الميت وقبيلته (اه) مدخول بما قيل ثبت العرش ثم انقش ومن أين ثبت أن للمعصية حقا مع وجود البنت الصلبية حتى يقال لزم إبطال حقوق عصبة الميت وهل هذا إلا أول مسألة ومصادرة على (المط) وأما خامسا فلأن ما استدل به على عدم لزوم كون ولد الصلب أضعف من ابن ابن ابن العم بقوله لأن السبب أقوى ولكن كثرة البنات قللت نصيبه (اه) مدفوع بأن الكلام ليس في تقليل البنات لنصيب الابن الصلبي وعدمه بل الكلام في أن البنات على قاعدة التعصيب تقللن نصيب الابن الصلبي أكثر من تقليلهن نصيب ابن ابن ابن العم فيلزم أن يكون الابن الصلبي أضعف سببا من ابن ابن ابن العم ولزوم ذلك ظاهر لا سر به وكان الناصب لم يعقل معنى كلام (المص) مع وضوحه فأتى بما لا طايل تحته كما ترى ويظهر من هذا أنه لا يمكنه معرفة الواضحات (أيضا) بمقائيس الفهم والعقل فضلا عن مسايل الفرايض وليس هذا مما يخص الناصب الضعيف بل كان شأن إمامه الشافعي (أيضا) في الفرايض ذلك كما قال ابن حزم في كتاب المحلى أن أقوال الشافعي تدل على أنه كان قليل البصر بالفرايض انتهى هذا ولا بأس علينا أن نذكر ههنا ما فصله بعض أجلاء مشايخنا الأعلام في تحقيق المرام مشتملا على ذكر مراتب النقض والإبرام حيث قال هذه المسألة ومسألة
(٤٥٠)