إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٥١
العول التي يأتي بعدها من أمهات المسائل والمعركة الغضى بين الإمامية ومن خالفهم وعليها يبني معظم الفرايض واختلفت القسمة على المذهبين اختلافا كثيرا وقد اختلف المسلمون هنا فذهبت الإمامية إلى أن الأقرب من الوارث يمنع الأبعد سواء كان الأقرب ذا فرض أم لم يكن ويرد الباقي على ذوي الفرض وقد كان في الصحابة ممن يقول به ابن عباس ومذهبه فيه مشهور وحكى الساجي ومحمد بن جرير الطبري عن عبد الله بن الزبير أنه قضى بذلك و (أيضا) روى الأعمش عن إبراهيم النخعي مثله وخالف فيه الجمهور وأثبتوا التعصيب وقد أكثر الفريقان من الاحتجاج لمذهبهم والنصرة له والقدح في الجانب الآخر وتكلفوا من الأدلة ما لا يؤدي من الأدلة ما لا يؤدي إلى (المط) في الحقيقة مرجع الجمهور إلى حرف واحد وهو أنهم رووا عن النبي (ص) أنه قال ما أبقت الفرايض فلا ولي عصبة ذكر ومرجع الإمامية إلى حرف واحد وهو إنهم رووا عن أئمتهم (ع) الباقر والصادق ومن بعدهما إنكار ذلك وتكذيب الخبر والتصريح برد الباقي على ذوي الفروض ثم إن كل واحد من الفريقين أضاف إلى ما ذكرناه أدلة ونحن نشير إلى خلاصة حجج الفريقين فنقول أما أصحابنا الإمامية فاحتجوا على بطلان التعصيب بوجوه الأول قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا وجه الاستدلال أنه إن وجب توريث جميع النساء والأقربين بطل القول بالتعصيب والمقدم حق والتالي مثله بيان الملازمة أن القايل بالتعصيب لا يورث الأخت مع الأخ ولا العمة مع العم وبيان حقية المقدم أنه تعالى حكم في الآية بالنصيب للنساء كما حكم للرجال فلو جاز حرمان النساء لجاز حرمان الرجال لأن المقتضي لتوريثهم واحد وهو ظاهر الآية إن قيل الآية ليست على عمومها لأنها يقتضي توريث كل واحد من الرجال والنساء مع وجود من هو أقرب منه وهو (بط) وإذا لم يكن على العموم جاز العمل بها في بعض الصور كما هو مدعانا في توريث بعض النساء وحرمان بعضهن قلنا بل الآية عامة وليس مقتضاها توريث البعيد والقريب بل التوريث من الوالدين والأقربين ولفظ الأقرب يمنع الأبعد بل يمنع القريب مع وجود الأقرب ولا أحد أقرب إلى الأبوين من الأولاد وإذا كان الأصل فيها العموم لم يكف الحكم بتوريث بعض النساء وإلا جاز مثله في الرجال ويؤيد عمومها في توريث النساء أنها نزلت ردا على أهل الجاهلية حيث كانوا لا يورثونهن شيئا كما رواه جابر عن زيد بن ثابت وبدون عمومها لا يتم الرد الثاني قوله تعالى وأولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين والاستدلال بها من وجهين أحدهما أنه تعالى حكم بأولوية بعض الأرحام ببعض وأراد به الأقرب فالأقرب قطعا بموافقة الخصم لأنهم يقولون إن العصبة الأقرب يمنع الأبعد ويقولون في الوارث بآية أولي الأرحام إن الأقرب منهم يمنع الأبعد ولا شبهة في أن البنت أقرب إلى الميت من الأخ وأولاده والأخ وأولاده والأخت أقرب من العم وأولاده لأن البنت يتقرب إلى الميت بنفسها والأخ إنما يتقرب إليه بالأب والأخت يتقرب إليه بواسطة الأب والعم يتقرب إليه بواسطة الجد فهي بواسطة وهو بواسطتين و أولاده بوسايط وثانيهما أنه تعالى حكم بأن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض والمراد بالأولوية في الميراث وغيره أما أولا فللعموم الذي يدخل فيه الميراث وأما ثانيا فلما نقل من أن الآية نزلت ناسخة للتوارث بمعاقد الإيمان والتوارث بالمهاجرة الذين كانا ثابتين في صدر الإسلام والناسخ للشئ يجب أن يكون رافعا له فلولا أن المراد بها توريث ذوي الأرحام لما كانت واقعة إلى نسخته ومن ههنا يظهر فساد قول من ادعى أن المراد بالأولوية في أحوال الميت من الصلاة ونحوها وإن المراد بالأرحام المذكورين في سورة النساء في كتاب الله مع أنه لو سلم عدم نسختها للآيتين فالإرث داخل في عمومها والأصل عدم التخصيص وأما قوله تعالى في كتاب الله فالمراد به في حكم كتاب الله ولا يخصص بما في سورة النساء لعدم المقتضى الثالث الأخبار التي رووها عن النبي (ص) كقوله من ترك مالا فلأهله وقوله (ص) في شخص خلف بنتا وأختا إن المال كله للبنت ودلالة الثاني على انتفاء التعصيب ظاهر ووجه الاستدلال بالأول إن الإناث من الأهل قطعا فاقتضى الخبر توريثهن أجمع وهو خلاف مذهب القايلين بالتعصيب الرابع إن القول بالتعصب يقتضي كون توريث الوارث مشروطا بوجود وارث آخر والمقتضى (بط) والملازمة فيما لو خلف الميت بنتين وابنة ابن وعم فللعم عندهم ما فضل عن البنتين ولا شئ لبنت الابن وبتقدير أن يكون معها أخ يكون الثلث بينهما أثلاثا وأما بيان بطلان التالي و هو المقتضى فلأنه مخالف للكتاب والسنة أما الكتاب فظاهر وأما السنة فلأن أحدا لم ينقل أن توريث الوارث مشروط بوجود وارث آخر بل المعلوم من دين النبي (ص) أنه مع وجود الوارث الآخر أما أن يتساويا أو يمنع أحدهما الآخران قيل إنما كان (كك) لأن العم أولى عصبة ومع وجود ابن البنت فهو أولى منه فلذلك ورثناه وشاركه أخته للإجماع على المشاركة قلنا أما حديث أولي عصبة فسنبين ضعفه وعلى تقدير تسليمه كان ينبغي أن يحوز الابن وحده لأنه أولي عصبة دون أخته إذ هو أولى من العم الذي هو أولى من البنت والأولى من الأولى أولى وإذا كان العم يحوز الجميع ويمنع البنت فبالأحرى أن يكون الابن كذلك ولا مخلص من هذا الالتزام توريث الابن بغير النصيب حتى تشاركه أخته إن قيل توريث البنت مع أختها جاء من قوله تعالى في حكم الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين والابن جاء من خبر العصبة فلذا جمعنا بينهما قلنا الخبر خاص والآية عامة والعمل به يقتضي تقديم إرث الابن لأنه أولي عصبة ولا يشاركه البنت لاختصاصه بالذكر وهذه المعارضة واردة في كل موضع حكموا بمشاركة الأنثى للذكر فيه الخامس وهو العمدة كما أشرنا إليه أولا الروايات المستفيضة ببطلان التعصيب عن أهل البيت عليهم السلام وهي كثيرة جدا فلنذكر هنا بعضا فمنها ما رواه عبد الله بن بكير عن حسن البزاز قال أمرت من يسأل أبا عبد الله (ع) المال لمن هو للأقرب أم للعصبة فقال المال للأقرب والعصبة في فيه التراب ومنها عن حماد بن عثمان قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل ترك امرأة وأخاه فقال يا شيخ تريد على الكتاب فقلت نعم قال كان علي (ع) يعطي المال الأقرب فالأقرب قال قلت فالأخ لا يرث شيئا قال أخبرتك إن عليا (ع) كان يعطي المال الأقرب ومنها عن محمد بن مسلم قال قراني أبو جعفر الباقر (ع)
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»