إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٥٥
اتباعه لقوله تعالى فم بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه فقد أمر الله تعالى هنا بالعول ولو قدر أنه أمر به في الفرايض لصرنا إليه وإنما الكلام مع عدم الأمر فكيف يقاس غير المأمور به على المأمور به وعن الثالث بالفرق بين الدين والميراث فإنه يصح اجتماع ألف ألف وثلاثة آلاف وعشرة في مال واحد ولا تعده العقلاء محالا بخلاف اجتماع ثلثين ونصف في مال واحد فلا يقاس المستحيل على غيره ووجه الامكان في الأول كان متعلقا في الذمة وهو يقبل تحمل الجميع فإذا عرض تعلقها بعين المال كان تعلق استحقاق لا تعلق انحصار فلا يكون محالا ولهذا لا يعد أخذ أحد من الديان قسطه استيفاء لجميع حقه بل لبعض حقه بخلاف الإرث ولو فرض قدرة المديون على إيفاء الدين بعد تقسيط ماله على الديان بجميع يجب عليه الخروج من باقي حقهم ومع موته يبقى الباقي في ذمته ويصح احتسابه عليه من الحق وإبرائه منه بخلاف الإرث وعن الرواية بالطعن في سندها أولا وبمعارضتها بما رواه عبيدة هذا الراوي قال أبو طالب الأنباري حدثنا الحسين بن محمد بن أيوب الجرجاني قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا يحيى بن أبي بكر عن شعبه عن سماك عن عبيدة السلماني وروى الحديث المذكور قال سماك فقلت لعبيدة فكيف ذلك قال إن عمر بن الخطاب وقعت في إمارته هذه الفريضة فلم يدر ما يصنع وقال للبنتين الثلثان وللأبوين السدسان وللزوجة الثمن وقال هذا الثمن باقيا بعد الأبوين والبنتين فقال له أصحاب محمد (ص) اعط هؤلاء فريضتهم للأبوين السدسان وللزوجة الثمن وللبنتين ما بقي فقال فأين فريضتهما الثلثان فقال له علي لهما ما بقي فأبى ربك عمر وابن مسعود فقال علي (ع) على ما رأى عمر قال عبيدة فأخبرني جماعة من أصحاب علي بعدد ذلك في مثلها أنه أعطى الزوج الربع مع البنتين والأبوين السدسين والباقي رد على البنتين قال وذلك هو الحق وإن أباه قومنا فإذا كان عبيدة راوي الحديثين عن علي (ع) هكذا فأي حجة فيه وقوله على ما رأى عمر وإن كان بحسب الظاهر إقرار له على ما رآه لكن ظاهره عدم الرضا به وإنما صار إليه لأمر ما لا يخفى ومن وقف على سيرته في زمن خلافته وكلامه ظهر عليه أن انقياده إلى حكم من كان قبله كان على وجه الاستصلاح لا على وجه الرضا وقيل أن الحديث لا يدل على الحكم بالعول بل على تهجينه ومعناه صار ثمنه الذي فرضه الله تعالى تسعا عند القايل بالعول ولهذا أجاب عن بعض الفروض وسكت عن الباقي أو خرج مخرج الاستفهام الإنكاري بحذف أداة الاستفهام ومثله في الشواهد القرآنية والشعرية كثير واعلم أن قدماء الأصحاب قد ذكروا على هذا المذهب الزامات كثيرة وتشنيعات أعرضنا عن تفصيلها مخافة التطويل وقد ذكر الشيخ (ره) في التهذيب منها في المسئلتين جملة انتهى ثم لما وافقنا ابن حزم من متأخري الجمهور في هذه المسألة وكان الاحتجاج بكلامه أوكد وألزم رأينا أن نذكر كلامه في هذا الباب وإن أفضى إلى الإطناب قال في كتاب المحلى ولا عول في شئ من مواريث الفرايض وهو أن يجتمع في الميراث ذو فرايض مسمى لا يحتملها الميراث مثل زوج أو زوجة وأخت شقيقة وأخت الأم وأختين شقيقتين أو الأب وأخوين لأم أو زوج وأبوين أو ابنتين فإن هذه فرايض ظاهرها أنه يجب النصف والثلث أو نصف ونصف وثلثان ونصف ونصف وسدس ونحو هذا فاختلف الناس فقال بعضهم يحط كل واحد من فرضه شيئا حتى ينقسم المال عليهم ورتبوا ذلك على أن يجمعوا سهامهم كاملة ثم يقسم المال بينهم على ما اجتمع مثل زوج وأم وأختين شقيقتين وأختين لأم فهذه ثلثان وثلث ونصف وسدس ولا يصح هذا في بنته العالم قالوا فنجعل للزوج النصف وهو ثلاثة من ستة وللأم السدس وهو واحد من ستة فهذه أربعة سهام وللشقيقتين الثلثان وهو أربعة من ستة فهذه ثمانية وللأختين للأم الثلث وهو اثنان من ستة فهذه عشرة يقسم المال بينهم على عشرة أسهم للزوج الذي له النصف ثلاثة من عشرة فهو أقل من الثلث وللأم التي لها السدس واحد من عشرة وهو العشر وللشقيقتين اللتين لهما الثلثان أربعة من عشرة فذلك خمسان وللأختين للأم اللتين لهما الثلث اثنان من عشرة فهو الخمس وهكذا في ساير هذه المسايل وهو قول أول من قال به زيد بن ثابت وافقه عليه عمر بن الخطاب وصح عنه هذا وروي عن علي (ع) وابن مسعود غير مسند وذكر عن العباس ولم يصح وصح عن شريح ونفر من التابعين يسير وبه يقول أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأصحاب هؤلاء القوم إذا اجتمع رأيهم على شئ كان أسهل شئ عليهم دعوى الاجماع فإن لم يمكنهم ذلك لم يكن عليهم مؤنة من دعوى أنه قول الجمهور وإن خلافه شذوذ وإن خصومهم ليرثون لهم من تورطهم في هذه الدعوى الكاذبة نعوذ بالله من مثلها وأيم الله لا أقدم على أن ينسب إلى أحد قولا لم يثبت عنده أن ذلك المرء ما قال إلا مستهل الكذب مقدم عليه ساقط العدالة وأما نحن فإن صح عندنا عن إنسان أنه قال قولا نسبناه إليه وإن رويناه ولم يصح عندنا قلنا روي عن فلان وإن لم يرو لنا عنه قول لم ننسب إليه قولا لم يبلغنا عنه ولا نكثر بالكذب ولم نذكره لا علينا ولا لنا روينا من طريق سعيد بن منصور نا عبد الرحمن بن أبي الزياد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه أول من عال في الفريض وأكثر ما بلغ فالعول مثل ثلثي رأس الفريضة وهذا يكفي في إبطال هذا القول وإنه محدث لم تمض به سنته من رسول الله (ص) وإنما هو احتياط ممن رآه من السلف رضي الله عنهم قصدوا به الخير وقال بالقول الأول عبد الله بن عباس كما روينا من طريق وكيع نا ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس قال الفرايض لا تعول ومن طريق سعيد نا سفيان بن عينية نا محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا وثلثا إنما هو نصفان وثلثه أثلاث وربعه أرباع ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا علي ابن عبد الله وهو ابن المدايني نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف نا أبي عن إسحاق حدثني ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود قال خرجت أنا وزفر بن أوس إلى ابن عباس فتحدثنا عنده حتى عرض ذكر فرايض المواريث فقال ابن عباس سبحان الله العظيم أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلث النصفان قد ذهبا بالمال أين موضع الثلث فقال له زفر يا أبا العباس من أول من أعال الفرايض فقال عمر بن الخطاب لما التفت عنده الفرايض ودافع بعضها
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»