إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٥٤
بطل العول والمقدم حق باعتراف الخصم فكذا التالي والملازمة تظهر فيما إذا خلفت زوجا وأبوين وابنا أو زوجا و أختين لأم وأخا لأب ففي الموضعين يعطى الابن والأخ الباقي وبتقدير أن يكون بدل الابن بنتا وبدل الأخ فهي تأخذ أكثر من الذكر قطعا وبيان حقية المقدم أن الله تعالى فضل البنين على البنات في الميراث والرجال على النساء وقال للرجال عليهن درجة والخصم والتزم فيما لو خلفت المرأة زوجا وأبوين أن يعطي الأب الثلث والأم المسدس مع أنه لا حاجب لها عن الثلث وقد فرض الله تعالى لها مع عدم الحاجب الثلث حذرا من أن يفضل الأنثى على الذكر فإذا التزم فيما يخالف صريح القرآن فهلا يلتزمه فيما يوافقه وأما المنقول وهو العمدة فمن طريق الجمهور ما رواه أبو القاسم الكوفي صاحب أبي يوسف عن أبي يوسف حدثنا ليث بن أبي سليمان عن أبي عمر العبدي عن علي (ع) أنه قال الفرايض ستة أسهم الثلثان أربعة أسهم والنصف ثلاثة أسهم والثلث سهمان والربع سهم ونصف والثمن ثلاثة أرباع سهم ولا يرث مع الولد الأبوان والزوجة ولا يحجب الأم عن الثلث إلا الولد والإخوة ولا يزاد الزوج عن النصف ولا ينقص من الربع ولا تزاد المرأة عن الربع ولا تنقص من الثمن وإن كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء ولا يزاد الإخوة من الأم عن الثلث ولا ينقصون من السدس وهم فيه سواء الذكر والأنثى ولا يحجبهم عن الثلث إلا الوالد والولد والدية تقسم على من أحرز الميراث الدلالة من هذا الحديث في قوله لا ينقص من الربع ولا ينقص من الثمن ولا ينقص من السدس وعلى قولهم يجعل النقص عليهم جميعا عن هذه السهام في حصره الثلثين والنصف والربع والثمن في ستة وعلى قولهم لا يجتمع إلا في تسعة وربع ومع الصحيح في أربعة وعشرين أو سبعة وثلثين وهذا وإن كان لا يفرض في الفرايض إلا أنه يدل على بطلان العول عنده ومنه ما روي عن عبد الله بن عباس (رض) رواه أبو طالب الأنباري قال حدثني أبو بكر الحافظ قال حدثني علي بن محمد الحصين قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني الزهري عن أبي عبد الله بن عتبة قال جلست إلى ابن عباس فجرى ذكر الفرايض والمواريث فقال ابن عباس سبحان الله العظيم أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا وثلثا وربعا أو قال نصفا وثلثا وهذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث فقال له زفر بن أوس البصري يا أبا العباس فمن أول من أعال الفرايض فقال عمر بن الخطاب لما التفت عنده الفرايض ودفع بعضها بعضا فقال والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر وما أجد شيئا هو أوسع إلا أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص وأدخل على كل ذي حق حق ما دخل عليه من عول الفريضة وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة فقال زفر بن أوس فأيها قدم وأيها أخر قال كل فريضة لم يهبطها الله تعالى عن فريضة إلا فريضة فهذا ما قدم الله وأما ما أخر فكل فريضة إذا ذالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخر فأما التي قدم فالزوج له النصف فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ والزوجة لها الربع فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شئ والأم لها الثلث فإذا زالت عنه صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شئ فهذه الفرايض التي قدم الله عز وجل وأما التي أخر ففريضة البنات والأخوات لهن النصف والثلثان فإذا أزالهن الفرايض عن ذلك لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخر فإذا اجتمع ما قدم الله وما أخر بدئ بما قدم الله فأعطى حقه كاملا فإن بقي شئ كان لمن أخر وإن لم يبق شئ فلا شئ له فقال له زفر بن أوس فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر فقال هبته والله وكان امرءا مهيبا قال الزهري والله لولا أن تقدم ابن عباس إمام عدل كان أمره على الورع أمضى أمرا وحكم به وأمضاه لما اختلف على ابن عباس اثنان وقوله (رض) وإن لم يبق فلا شئ له مبالغة في تقديم من قدمهم الله عز وجل وإلا فهذا الفرض لا يقع إذ لا بد أن يفضل لهم شئ ورووا (أيضا) عن ابن عباس (رض) أنه كان يقول من شاء عند الحجر الأسود أن الله تعالى لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا وأما ما ورد من طرق الخاصة عن علي (ع) وأهل بيته (ع) في إنكار العول فكثير يكاد يبلغ التواتر فمنها ما رواه أبو بصير عن الباقر (ع) كان أمير المؤمنين (ع) يقول إن الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول على ستة لو كانوا مبصرون وجها لم تجز ستة ورووا عن ابن عباس (رض) نحو ما تقدم وروى محمد بن مسلم في الصحيح والفضيل بن يسار وبريد العجلي وزرارة بن أعين عن أبي جعفر (ع) قال السهام لا تعول ولا يكون أكثر من ستة فقال هذا ما ليس فيه اختلاف أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وأما الجمهور فاحتجوا على إثباته بالمعقول والأثر أما الأول فمن وجوه الأول إن النقض لا بد من دخوله على الورثة على تقدير زيادة السهام أما عند العايل فعلى الجميع وأما عند غيره فعلى البعض لكن النقص على بعضهم دون بعض ترجيح من غير مرجح فكان إدخاله على الجميع أعدل الثاني أن التقسيط مع القصور واجب في الوصية للجماعة كما لو أوصى لزيد بألف ولعمر بخمسمائة ولم يخلف سوى مائة فإنها تقسط على انضبائهم فيكون الميراث كذلك والجامع بينهما استحقاق الجميع التركة وهذا الفرض من الوصية وإن أنكره منكر العول لكنه يعترف به فيما لو أوصى بنصف تركته لواحد وبنصف لآخر وبثلث لثالث على طريق العول فإنه (ح) يلتزم بالتحاص بالعول الثالث أن الديان يقتسمون المال على تقدير قصوره عن دينهم بالحصص فكذلك الوارث والجامع الاستحقاق للمال والفرق بأن لكل واحد من الديان قدرا معينا بخلاف الورثة لا يفيد لأن الورثة وإن لم يكن لكل واحد منهم قدر معين من المال إلا أن لكل واحد جزء يجري مجري المعين وأما الثاني فما رواه عبيدة السلماني قال كان علي (ع) على المنبر فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين (ع) رجل مات وترك ابنتيه وأبويه وزوجته فقال علي (ع) صار ثمن المرأة تسعا وهذا صريح في إثبات العول وهو يخالف ما نقلتموه عن علي (ع) من إنكاره وأجيب عن الأول بمنع عدم ترجيح جانب النقص المدعى على اختصاصه بالبعض فإن المرجح الاجماع على نقصه مع الدليل ووقوع الخلاف على نقص من عداه فيكون المجمع عليه أولى به ولأن النقص على خلاف الأصل في حق الجميع بترك العمل به في المجمع عليه فبقي الباقي على الأصل عملا بالاستصحاب فظهر الترجيح وعن الثاني يمنع الحكم في الأصل ووجود الفارق فيما ذكروه من الفرض الذي يوافقهم عليه في الوصية وهو تصريح الموصي بإزادت العول فيجب
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»