إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٤٥
لعمل العامل ولا يجوز أن يكون عمل رب المال تابعا لعمله على أنا نمنع الحكم في الأصل فإنا قد بينا جواز أن يشترط على المالك أكثر العمل كذا في التذكرة والثالث ما نسبه (المص) ههنا إلى مالك من القول بعدم الجواز مقيدا ويتوجه عليه ما يتوجه على القايل بعدم الجواز (مط) مع زيادة عدم الفرق وأما ما ذكره الناصب في بيان الفرق فهو لا يصدر إلا عمن لا يفرق بين القدم والفرق لدلالته على أنه لا يعتبر في الشريك عدم علمه لعمل الحايط وفيه ما فيه فتأمل قال (المص) رفع الله درجته (ط) ذهبت الإمامية إلى أنه يجوز المزارعة بالنصف أو الثلث أو غيرهما وقال أبو حنيفة ومالك لا يجوز وقد خالفا العقل الدال على أصالة الجواز والنقل وهو أن النبي (ص) عامل أهل خيبر بشرط ما يخرج من ثمر أو زرع وروى ابن عباس أن النبي (ص) دفع خيبرا أرضها ونخلها إلى أهلها مقاسمة على النصف إنتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن المخابرة وهي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل والمزارعة وهي المعاملة عليها ببعض ما يخرج منها والبذر من المالك كلتاهما باطلتان و الدليل على بطلانهما أن المساقاة ثبت على خلاف الأصل لجهالة العمل والأجرة فيجب الاكتفاء على محل ورود النص فلا يجوز المزارعة والمخابرة لأنه لم يثبت منهما شئ وذهب النووي ومن تابعه من الشاميين إلى جوازهما للضرورة الداعية إليهما وقد ورد أحاديث يدل على النهي عنها وأحاديث يدل على الجواز فرجح المتقدمون المنع والمتأخرون الجواز والفتوى اليوم على الجواز لوقوع الضرورة ولعل مالكا وأبا حنيفة رجحوا الأحاديث الدالة على المنع إنتهى وأقول قول الناصب خفضه الله كلتاهما باطلتان وقوله والدليل على بطلانهما وقوله لم يثبت منهما شئ يدل على عدم مشروعية شئ من المخابرة والمزارعة وقوله ثبت على خلاف الأصل وقوله فيجب الاكتفاء على محل ورود النص يدل على اقتضاء النص لثبوتهما في الجملة وهذا تناقض صريح لا يخفى ثم لو سلم صحة الأحاديث الدالة على نهي رسول الله (ص) عن ذلك لكن فعله (ع) في خيبر هو الناسخ لمضمونها ومما يدل على ذاك روايات رواها ابن مخزوم في كتاب المحلى منها ما رواه من طريق مسلم عن ابن عمر قال لما ظهر رسول الله (ص) على خيبر أراد إخراج اليهود وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين فسألوه (ص) أن يقرهم بها على أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر فقال رسول الله (ص) نقركم بها على ما شينا فقووا بها حتى أجلاهم عمر قال ابن حزم ففي هذا أن آخر فعل رسول الله (ص) إلى أن مات كان إعطاء الأرض بنصف ما يخرج منها من الزرع ومن الثمر من الشجر وعلى هذا مضى أبو بكر وعمر وجميع الصحابة معهما فوجب استثناء الأرض ببعض ما يخرج منها ومن جملة ما صح النهي عنه من أن يكرء الأرض أو يؤخذ لها أجر أو حظ وكان هذا العمل المتأخر ناسخا للنهي المتقدم عن إعطاء الأرض ببعض ما يخرج منها لأن النهي عن ذلك قد صح ولولا أنه قد صح لقلنا ليس نسخا لكنه استثناء من جملة النهي ولولا أنه قد صح أن رسول الله (ص) مات على هذا العمل لما قطعنا بالنسخ لكنه ثبت أنه أخر عمله فصح أنه نسخ صحيح متيقن لا شك فيه وبقي النهي عن الإجارة جملة بحسبه إذ لم يأت شئ بنسخه ولا تخصيصه فإن قيل إنما صح عن النبي (ص) النهي عن أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ وعن أن يكرء بثلث أو ربع وصح أنه أعطاها بالنصف وامنعوا من اعطاؤها بأقل أو أكثر قلنا لا يجوز هذا لأنه إذا أباح (ع) إعطاؤها بالنصف (فأجيزوا إعطاؤها بالنصف) لهم والنصف للمسلمين وله (ص) فبضرورة الحس والمشاهدة يدري كل أحد أن الثلث والربع وما دون ذلك من الأجزاء مما دون النصف داخل في النصف فقد أعطاها (ع) بالربع وزيادة وبالثلث وزيادة فصح أن كل ذلك مباح بلا شك إنتهى كلامه وهو صريح فيما ذكرنا وتفصيل الكلام و تحقيق المرام ما ذكره (المص) قدس سره في التذكرة حيث قال المزارعة بالمعنى الذي قلناه وهي المعاملة على الأرض بحصته مما يخرج منها بغير لفظ الإجارة جايزة عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع) وسعد وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وعمار بن ياسر وآل علي (ع) وآل أبي بكر وابن سيرين وسعيد بن المسيب وطاووس وعبد الرحمن بن الأسود وموسى بن طلحة والزهري وعبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه وأبو يوسف ومحمد وهو مروي عن معاذ والحسن وعبد الرحمن بن زيد قال المحاربي قال أبو جعفر الباقر (ع) ما بالمدينة من أهل بيت إلا ويزرعون على الثلث والربع وزاع علي (ع) قال المحاربي وعامل عمر الناس على أن من جاء غمر بالبذر من عنده فله الشطر وإن جاءه بالبذر فلهم كذا لما رواه العامة عن ابن عمران رسول الله عامل أهل خيبر على الشطر مما يخرج من زرع أو تمر وروى ذلك ابن عباس وجابر بن عبد الله قال أبو جعفر (ع) عامل رسول الله (ص) أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر ثم عمر وعثمان وعلي (ع) ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث والربع وهذا أمر مشهور صحيح وعمل به رسول الله (ص) حتى مات وخلفاءه حتى ماتوا وأهلوهم ولم يبق بالمدينة أهل بيت إلا عمل به وعمل به أزواج رسول الله (ص) من بعده ومن طريق الخاصة ما رواه محمد الحلبي وعبيد الله الحلبي جميعا عن الصادق (ع) في الصحيح أن أباه حدثه أن رسول الله (ص) أعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة فقوم عليهم قيمة فعامل أما أن تأخذوه وتعطون نصف الثمرة وأما أن أعطيكم نصف الثمرة وأخذه فقال بهذا قامت السماوات أو الأرض وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت الصادق (ع) عن المزارعة فقال النفقة منك والأرض لصاحبها فما أخرج الله من شئ قسم على الشطر وكذلك قبل رسول الله (ص) خيبر أتوه فأعطاهم إياها على أن يعمروها على أن لهم نصف ما أخرجت فلما بلغ التمر أمر عبد الله بن رواحة فخرص عليهم النخل فلما فرغ منه خيرهم فقال قد خرصنا هذا النخل بكذا صاعا فإن شئتم فخذوه وردوا علينا نصف ذلك وإن شئتم أخذناه وأعطيناكم نصف ذلك فقالت اليهود بهذا قامت السماوات والأرض وفي الصحيح عن محمد الحلبي وعبيد الله الحلبي عن الصادق (ع) قال لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس وعن إسماعيل بن الفضل عن الصادق (ع) قال لا بأس أن تستأجر الأرض بدراهم وتزارع الناس على الثلث والربع وأقل وأكثر إذا كنت لا تأخذ الرجل لا بما أخرجت أرضك والأخبار في ذلك أكثر من أن يحصى ولأن هذا أصل يتميز بالعمل فجاز العقد عليه ببعض ما يخرج منه كالمضاربة والمساقاة
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»