إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٤٤
لفعل محضور وكان كما لو استأجر امرأة للخدمة إنتهى قال (المص) رفع الله درجته (ه) ذهبت الإمامية إلى أنه إذا استأجر رجلا لينقل له الخمر إلى موضع بعينه للشرب لم يجز وقال أبو حنيفة يجوز وقد خالف في ذلك فعل النبي (ص) حيث لعن ناقلها إنتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد ذهب فيما تقدم أن أبا حنيفة يجوز الاستيجار لفعل المعصية ولا يلزم العمل به وهذا خلاف في أصل المسألة أن الاستيجار يجب أن يكون لفعل الطاعة أو المباح أو يجوز في فعل المعصية فذهب الشافعي إلى أنه يجب أن يكون لفعل الطاعة أو المباح ولا يجوز لفعل المعصية ولا ينعقد وذهب أبو حنيفة إلى جوازه ولا يعمل به فالكلام في الانعقاد ولا العمل به حتى يدخل في وعيد لعن ناقل الخمر إنتهى وأقول قد تقدم منا ما في تجويز أبي حنيفة الاستيجار لفعل المعصية وأنه لا معنى لتعليق الإجارة في متن العقد بأنه لفعل كذا ثم يشترط أن لا يفعل ذلك مع أنه لم ينقل عن أبي حنيفة اشتراطه ذلك في هذه المسألة ولا تأويل أصحابه بذلك وإنما المنقول أنه علل الجواز في هذه المسألة بأن الفعل لم يتعين عليه وفيه أنه استيجار لفعل محرم فلم يصح كالزنا وعدم التعين لا يمنع عن الفعل فتجويز ذلك غير جايز قال (المص) رفع الله درجته وذهبت الإمامية إلى جواز المساقاة وقال أبو حنيفة لا يجوز وقد خالف في ذلك فعل النبي (ص) فإنه عامل أهل خيبر بشرط ما يخرج من ثمر أو زرع وجماعة الصحابة والتابعين على ذلك إنتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي جواز المساقاة وثبت حديث معاملة رسول الله (ص) لأهل خيبر بالمساقاة وإن صح عدم تجويز أبي حنيفة للمساقاة فلعدم صحة الحديث عنده إنتهى وأقول مجرد عدم صحة ذلك الحديث عند أبي حنيفة لا يوجب حكمه بعدم الجواز لأن الأصل في الأشياء با الإباحة وإنما دليله على ذلك ما ذكره صاحب الينابيع من أنه استيجار ببعض ما يخرج من علمه فيشبه قفيز الطحان ولأن الأجر مجهول أو معدوم وأجيب بأنه تم فإن الثمرة يخرج وإن لم يعمل واعترض على حديث معاملة (ص) مع أهل خيبر بأنه كان خراج مقاسمة بطريق المن والصلح ودفع بأنه لا مجال لاحتمال ذلك لأن الراوي وهو ابن عباس قال ساقاهم النبي (ص) ملك أراضيهم ولهذا قال لعمر حبس الأرض وسبل الثمر وإنه أجلاهم عنها قال ابن عباس لما ساقى النبي (ص) خيبر وأجلى أهلها أتوه وقالوا نحن أعلم بأمر النخيل منكم فأعطونا نكفيكم فساقاهم على ذلك إنتهى وفقه المقام ما ذكره (المص) قدس سره في التذكرة حيث قال هذه المعاملة أي المساقاة جايزة عند علمائنا أجمع وبه قال أكثر الصحابة وسعيد بن المسيب ومالك وسالم والثوري و الأوزاعي وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وإسحق وأحمد بن حنبل وداود للإجماع والسن أما الاجماع فما رواه العامة عن الباقر (ع) وعلى آبائه السلام إن رسول الله (ص) عامل أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (ع) ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث والربع وهذا عمل به الخلفاء في مدة خلافتهم ولم ينكره منكر فكان إجماعا وأما السنة فما رواه العامة عن عبد الله بن عمر قال عامل رسول الله أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) أن أباه الباقر (ع) حدثه أن رسول الله (ص) أعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها الحديث وعن يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه فيها الرمان والنخل والفاكهة فيق اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج قال لا بأس ولأن الحاجة قد تدعو إليه وتشتد الضرورة إلى فعله فكان جايزا وقال أبو حنيفة وزفر لا تجوز هذه المعاملة بحال لأنها إجارة بثمرة لم تخلق أو إجارة بثمرة مجهولة أشبه إجارة نفسه ثمرة غير الشجر الذي يسقيه ونمنع كونها إجارة بل هي عقد معاملة على العمل في المال ببعض نمائه فهو كالمضاربة ثم يبطل قياسهم بالمضاربة فإنه عمل في المال ببعض نمائه وهو معدوم وقد جازت بالإجماع وهذا في معناه ثم قد جوز الشارع العقد في الإجارة على المنافع المعدومة للحاجة مع أن القياس إنما يكون في إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه والمختلف فيه بالمجمع عليه عندهم فأما في إبطال نص وجرح إجماع بقياس نص آخر فلا سبيل إليه إنتهى قال (المص) رفع الله درجته (ق) ذهبت الإمامية إلى أنه يجوز اختلاف الحصة بالنسبة إلى الثمار المختلفة وقال مالك يجب التساوي في الكل وقد خالف العقل الدال على أصالة الجواز وقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم إنتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لا يجوز المساقاة إلا في النخل والكرم ولا يصح على غيرهما من الثمار والزرع إلا تبعا ولو كان في الحديقة نوعان أو أنواع من التمر والعنب وتفاوت في المشروط فإن علما قدر كل نوع نظرا أو تخمينا جاز وإن جهلا أو أحدهما فلا وأما ما ذهب إليه مالك من وجوب التساوي إن صح فمحمول على دفع الخلاف إنتهى وأقول الكلام في أن الشركاء إذا اتفقوا في التخصيص على الوجه المذكور جاز شرعا فالاتفاق مع تجويز الشرع دافع للاختلاف فلا ثمرة لما أتى به مالك من الخلاف قال (المص) رفع الله درجته (ح) ذهبت الإمامية إلى أنه يجوز أن يشترط العامل أن يعمل معه غلام رب النخل سواء كان الغلام موسوما بعمل هذا الحايط أو وقال مالك لا يحوز إلا إذا كان الغلام موسوما بالعمل فيه وقد خالف العقل والنقل فإن النقل يدل على أصالة الجواز وعدم الفرق والنقل قوله (ص) المؤمنون عند شروطهم وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو شرط عمل غلامه معه جاز ونفقته على المالك ولو شرطت على العامل صحت ولزمت ولا يشترط التقدير بل ينزل على الوسط المعتاد وأما ما ذهب إليه مالك إن صح فلأن الغلام إذا لم يكن موسوما بعمل الحايط يكون في حكم الشريك فيجب تقدير أجرة له كساير الشركاء بخلاف ما إذا كان موسوما بعمل الحايط فإنه من تتمة ما يجب على المالك وحصته معينة إنتهى وأقول الظاهر أن في المسألة أقوال ثلاثة أحدها الجواز (مط) وهو مذهب الإمامية ونص عليه الشافعي على ما في التذكرة والثاني عدم الجواز (مط) وهو إحدى الروايتين عن أحمد وقال به بعض الشافعية لأنه بمنزلة ما لو شرط أن يعمل معه المالك فإنه لا يجوز فكذا عبده لأن يد العبد كيد سيده وعمله كعمله ولهذا لو وكل المرتهن عبد الراهن في قبض الرهن من سيده لم يجز لأن يده كيد سيده وفيه أن الفرق ظاهر لأن عمل العبد يجوز أن يكون تابعا لعمل العمل ولا يجوز أن يكون عمل رب المال تابعا
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»