إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٣٤
انتهى وأقول لا يخفى أن مباشرة الوكيل للبيع وقبوله إنما وقع للغير فوجب أن ينتقل الملك إلى ذلك الغير دونه عملا بالقصد كما لو اشترى الأب والوصي للمولى عليه فإن أبا حنيفة وافق فيه على وقوعه للطفل ابتداء ويلزمه أيضا انعتاق أب الوكيل ونحوه ممن ينعتق عليه لو اشتراه للموكل ولم يقل به أحد وقال المص قدس سره في بعض مصنفاته أوردت ذلك على بعض الحنفية فأجاب بأنه في الزمن الأول يقع للوكيل وفي الزمن الثاني ينتقل إلى الموكل فألزمته بأنه لم يرجح الانتقال إلى وكيل كان اللازم ترجيح العتق لأنه مبنى على التغليب باعترافهم وله نظاير كثيرة انتهى وأما ما ذكره الناصب من أن الوكيل ليس مستقلا بالملك اه فيتوجه عليه أنه لا معنى لعدم الاستقلال ههنا إلا أنه باع عن غيره بالوكالة لا بالأصالة فأي حاجة في مثل هذا إلى الناقل سيما إذا صرح في متن العقد بأنه يشتريه عن موكله الفلاني وهل هذا إلا مثل أن يق الوكيل في النكاح يصير الزوجة زوجة له أو لا ثم ينتقل إلى موكله مع ظهور بطلانه وأيضا لا معنى للحقيقة في قوله بل الملك في الحقيقة للموكل إلا الحقيقة الشرعية وإذا اعترف بأن الملك بحسب حقيقة الشرع للموكل كيف يصح أن يقال أنه يقع للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل وبالجملة ما ذكره في توجيه قول أبي حنيفة لا يؤدي إلى طائل ولا يرجع إلى حاصل قال المص رفع الله درجته كب ذهبت الإمامية إلى أنه إذا وكل مسلم ذميا في شراء الخمر لم يصح الوكالة فإن اتباع الذمي له لم يصح البيع وقال أبو حنيفة يصح التوكيل ويصح البيع وعنده أن المسلم لا يملك الخمر إذا تولى الشراء بنفسه ولا يصح ذلك ويملكه بشراء وكيله الذمي وقد خالف في ذلك النقل المتواتر من القرآن والسنة في قوله تعالى حرمت عليكم الخمر وهو يستلزم تحريم أنواع التصرفات وقال ع إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ولعن رسول الله ص في الخمر عشرة من جملتها البايع ولا فرق بين الوكيل والموكل انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد ذكرنا هذه المسألة من مذهب أبي حنيفة وذكرنا دليله وحاصله أنه يقول هذا البيع جايز لأن المباشر أهل له وحرمته بواسطة مقارنة الحرام لا لنفسه فيقع الوكيل ثم يقع للموكل فإذا تصرف فيه جعله خلا فلا تجارة في الحرام انتهى و أقول كل من له أدنى ألف ومناسبة بأحكام الشريعة يعلم أنه كما يشترط كون الوكيل قادر على أن يلي الفعل لنفسه يشترط كون الموكل كذلك فلا يكفي جواز تصرف أحدهما دون الآخر فلا يصح توكيل المسلم للذمي في بيع خمر وابتياعه وإن كان يملك الذمي ذلك لنفسه ولنعم ما قال ابن حزم من أن هذه المسألة عن أبي حنيفة من شنعه الذي نعوذ بالله من مثلها انتهى هذا وقد دمرنا على ما ذكره الناصب سابقا من الدليل وبينا ما فيه من الاضلال والتضليل فاستقم ولا تتبع الهوى فإنه يضلك عن السبيل قال المص رفع الله درجته كج ذهبت الإمامية إلى أنه إذا وكله في بيع فاسد لم يملك البيع الصحيح وقال أبو حنيفة يملك الصحيح وقد خالف في ذلك مقتضى العقل والنقل فإن الوكالة إنما تضمنت الفاسد فالصحيح لم بوكله فيه وكما لا يجوز أن يبيع مال الأجنبي كذا ليس لهذا الوكيل بيع هذا المال لأنه أجنبي فيه حيث لم يتناوله عقد الوكالة وقال الله تعالى إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول التوكيل في البيع الفاسد ينصرف عند أبي حنيفة إلى أصل البيع لأنه مسمى البيع موجود والفاسد خارج عن مسمى البيع لصحة الاتصاف به فيمكن انصرافه إلى الصحيح حيث هو مقتضى مسمى البيع عند الاطلاق ولا أقل ينصرف إلى الوكالة المطلقة الفضولية فيملك الصحيح انتهى وأقول كلام الناصب ههنا كالبيع الفاسد فاسد جدا بحيث لا يخفى على المصلح والمفسد فلا حاجة لنا إلى التعرض لمقدماته بالتفصيل والله الهادي إلى سواء السبيل قال المص رفع الله درجته كد ذهبت الإمامية إلى أنه لا يصح توكيل الصبي فلو عقد عن غيره لم يقع وقال أبو حنيفة يصح أن يكون وكيلا إذا كان ممن يعقل ما يقول وقد خالف قوله ص رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم ورفع القلم يستلزم أن لا يكون لكلامه حكم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن الوكيل لا بد أن يكون أهلا للوكالة وهذا لا يتأتى من الصبي لقصور في عقله وذهب أبو حنيفة إلى أنه يصح توكيل الحر البالغ والمأذون مثلهما والمراد بالمأذون الصبي العاقل الذي آذنه الولي والعبد الذي آذنه المولى وإذا وكل الحر البالغ والمأذون صبيا محجورا أو عبدا محجورا يرجع حقوق العقد إلى موكلهما ولا يرجع إليهما ولا مخالفة للنص لأن الصبي العاقل لا يكلف بأداء ما أتلفه في الوكالة كما ذكرنا فالقلم مرفوع عنه انتهى وأقول معنى رفع القلم عدم التكليف مط لا عدم التكليف بأداء ما أتلفه فقط وهذا ظاهر على كل من جرى عليه قلم التكليف بل الذي ذكره الناصب من اعتبار أبي حنيفة للإذن في الصبي وتفسيره ورفع القلم بما ذكره افتراء عليه وإنما الذي قاله أبو حنيفة على ما ذكر في كتب أصحابه أنه يجوز أن يكون الصبي وكيلا في البيع والشراء وغير ذلك إذا كان يعقل ما يقول ولا يحتاج إلى إذن وليه لأنه يعقل ما يقول فجاز توكيله كالبالغ ورد بأنه غير مكلف فلا يصح تصرفه كالمجنون والفرق بينه وبين البالغ ظاهر فإن البالغ مكلف بخلافه فتدبر قال المص رفع الله درجته كد ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قال له عندي أكثر من مال فلان ألزم بقدر مال فلان وزيادة ما قال وقال الشافعي لا يجب الزيادة وقد خالف قوله ص إقرار العقلاء على أنفسهم جايز وقد أقر بالأكثر فلا يقع لاغيا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يصح الاقرار بالمجهول ووجب التفسير ولو قال إذا استقبر ولو قال مال عظيم أو كبير أو كثير أو أكثر من مال فلان قبل تفسيره بأقل ما يتمول وإن كثر مال فلان لأن قوله أكثر من مال فلان مجهول بحسب الصيغة وإن كان معلوما بحسب الخارج والواقع وفي الأقارير يجب اتباع الصيغة ولما كان مجهولا بحسب الصيغة لم يكلف الأداء ما يقع عليه اسم المال كما هو القاعدة في الاقرار بالمجهول فلا مخالفة للحديث لأن إقراره جايز على نفسه على نفسه صح على مقتضى المجهول وهو الحمل على ما يتمول انتهى وأقول إن المص فرض المسألة ههنا فيما قبل التفسير وأما فرضه مع التفسير فهو مسألة قد وافق المص فيها في التذكرة حيث قال أو قال لزيد على أكثر من مال فلان قبل تفسيره بأقل ما يتمول وإن كثر مال فلان لأنه يحتمل أن يريد به أنه دين لا يتطرق إليه الهلاك وذلك عين معرض الهلاك أو يريد أن مال زيد على حلال ومال فلان حرام والقليل
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»