إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٤١
الخشبة وإدراجها في البناء تعديا لا لأن البناء تعد حتى يقال إن البناء الذي يكون بعضه على الخشب وبعضه على غيره ليس تعديا محضا ولزوم التخريب ليس لكون البناء تعديا محضا بل لاستلزام إخراج الخشب الواجب ذلك التخريب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما تقرر في الأصول هذا ونقل المص في التذكرة عن أبي حنيفة إنه احتج بأن الخشبة صارت تابعة لملكه يستنصر بقلعها فلم يلزمه ردها كما لو غصب خيطا فخاط به جرح عبده ثم أجاب بأن الفرق أن الخيط لا يشبه المتنازع إذا كان يخاف من قلعه لأنه ليس له رده ولأن حاجته إليه لذلك يليج؟ غصبه بخلاف البناء فافترقا انتهى قال المص رفع الله درجته يد ذهبت الإمامية إلى أنه إذا حل دابة أو فتح قفص الطاير فذهب عقيب ذلك ضمن وقال أبو حنيفة لا يضمن وقد خالف العقل والنقل لأنه ذهبت بسببه فهو متعد وقال الله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه إذا فتح قفص الطاير وهيجه ضمن وإن لم هيج فإن طافى الحال ضمن وإن وقف قليلا ثم طار لم يضمن وأما ما ذهب إليه أبو حنيفة فكأنه في صورة عدم التهيج فلا يحكم بالضمان لعدم الطيران بسببه ولا يعد الفتح سببا والاعتداء عند هو التهيج لا نفس الفتح فلا مخالفة انتهى وأقول من المبين إن حل الدابة خصوصا إذ أطال عليه الربط وفتح قفص الطاير صح سيما إذا كان في أوايل جنسه في القفص سبب تام للانقلاب والطيران فالتقييد بالتهيج كما ذهب إليه الشافعي مما لا وجه له على إطلاقه وعدم عد أبي حنيفة الفتح سببا مط دليل على أن الله تعالى لم يفتح عليه في استنباط أحكامه وأما عند يأت الرجل فلا يصير حجة على غيره وإنما الحجة فيما جاء من عند الله ورسوله وبالجملة ذلك الشرط مما لا دليل عليه سوى استحسان عقله الناقص فلا يقوم حجة سيما مع قيام الأدلة التي ذكرها المص على خلافه وتفصيل الكلام وتحقيق المرام فيما خالفوا فيه في هذا المقام ما ذكره المصنف قدس سره في كتاب التذكرة حيث قال لو فتح قفصا عن طاير فطارا وحل دابة فذهبت فإن كان قد هيج الطاير والدابة حتى طار وهرب ضمنه قولا واحدا صح ولأنه الجاه إلى الخروج وأتلفه على مالكه وإن لم يهيجهما ولم يصدر منه سوى الفتح فإما أن يطير في الحال من غير توقف أو يقف وإن طار في الحال أو هرب عقيب الحل بلا فصل ضمن أيضا عندنا وبه قال أحمد ومالك لأنه ذهب بسبب فعله فلزمه الضمان كما لو نفره أو ذهب عقيب فتحه وحله وتهيجه ولأن الطاير يتنفر ممن قرب منه فإذا طار عقيب الفتح أشعر ذلك بأنه نفره وللشافعية طريقان أظهرهما أن في وجوب الضمان قولين أحدهما أن لا يلزمه الضمان وبه قال أبو حنيفة لأن للحيوان قصدا واختيار ألا ترى أنه يقصد ما ينفعه وينفر عما يضره ويتوقى المهالك وأكثر ما يصدر من الفاتح التسبب إلى تضييعه فيقدم مباشرة الطاير واختياره لأن الفاتح سبب غير ملجئ فهو كما لو وقف ثم ذهب والوجه الأول لأن خروجه عقيب فتحه يدل على أنه الجاه إلى الخروج فأشبه ما إذا هيجه والطريق الثاني القطع بالضمان ومن الشافعية من فرق بين أن يخرج الطاير من غير اضطراب وبين أن يضطرب ثم يخرج فيدل ذلك على فرغه وتنفره وأما إن وقف الطاير ولم يطر في الحال ثم طار أو وقفت الدابة عقيب الحل ولم تهرب ثم هربت من غير أن يهيجها ضمن أيضا وبه قال مالك وأحمد لأنه ذهب بسبب فعله فلزمه الضمان كما لو نفره أو ذهب عقيب فتحه وحله لأن فتح القفص سبب في إتلافه فضمنه كما لو حفر بئرا فوقع فيها إنسان وللشافعية طريقان أيضا أحدهما أنه على قولين وأظهرهما القطع بنفي الضمان وبه قال أبو حنيفة لأن الطيران بعد الوقوف أما تره ظاهرة على أنه طار باختياره والمباشر مقدم على السبب وخصوصا وللطاير والدابة قصد واختيار والسبب ههنا غير ملجئ وإذا اجتمع السبب والمباشر لم يتعلق الضمان بالسبب بل بالمباشر كما لو حفر بئرا فجاء عبد إنسان فرمى نفسه فيها فإنه لا ضمان على الحافر ويفارق ما إذا وقع فيه إنسان فإن السبب انفرد عن المباشرة وليس بجيد لأن المباشرة حصلت فمن لا يمكن إحالة الحكم عليه فسقط كما لو نفر الطاير وأهاج الدابة وأشلى كلبا على صبي فقتله أو أطلق نارا في متاع إنسان فإن للنار فعلا لكن لما لم يمكن إحالة الحكم عليها كان وجوده كعدمه لأن الطاير وساير الصيود من طبعه النفود وإنما يبقى بالمانع فإذا أزيل المانع ذهب بطبعه فكان ضمانه على من أزال المانع كمن قطع علاقة قنديل فوقع فانكسر وهكذا لو حل قيد عبد مجنون فذهب أو أسير فأفلت وقد ظهر أن أقوال الشافعي هنا ثلاثة أحدها أنه يضمن مط وبه قال أصحابنا ومالك وأحمد وثانيها أنه لا يضمن مط وأظهرها أنه يضمن في الحال ولا يضمن إن وقف ثم طار ويروى عن أبي حنيفة مثاله ومثل القول الثاني وهو الأشهر عنه انتهى قال المص رفع الله درجته يه ذهبت الإمامية إلى أنه إذا جنى الغاصب على الغصب الذي فيه الربا مثل سبك الدراهم وبل الطعام وجب عليه رده على المالك وأرشه وقال أبو حنيفة يتخير المالك بين رده على الغاصب والمطالبة بالبدل وبين الامساك مجانا بغير أرش وقد خالف قوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وجزاء سيئة سيئة والعقل الدال على عدم التسليط على الغير بغير موجب وبأي وجه يتسلط المالك على الغاصب يأخذ البدل انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه لو انتقص المغصوب بما له سراية تزداد إلى الهلاك الكلي كما لو ابتلت الحنطة وتمكن فيها العفز الساري أو اتخذ منها هريسة جعل كالهلاك ويعزم بدل كل واحد من إخلاطها المثلى بالمثلى والمتقوم بالمتقوم ولو عفن الطعام في يده لطول المكث يتعين أخذه مع الأرش وأما ما ذهب إليه أبو حنيفة من التخيير فللنظر إلى تسليط المالك لاختيار ما هو أنفع له وهذا اعتداء بالمثل لأن المراد بالمثلية عدم التجاوز إلى حد ينجر إلى الظلم وليس في التخيير هذا الاعتداء انتهى وأقول لا يخفى أن التخيير بالنظر إلى أحد طرفيه وهو الامساك بغير عوض وأرش خال عن الاعتداء بالمثل وإن لم يكن بالنظر إلى الطرف الآخر وهو الرد وأخذ القيمة والكلام في الشق الأول دون الثاني وأيضا الكلام في المخير فيه لا في نفس التخيير وهو حكم الفقيه باختيار أحد الأمرين حتى يقال إنه ليس في التخيير هذا الاعتداء بل نقول إن المشار إليه بقوله وليس في التخيير هذا الاعتداء هو ما دل عليه قوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فيرجع حاصل كلامه هذا إلى أنه ليس في التخيير بين الامساك والرد الاعتداء بمثل ما اعتدى الغاصب وهو نقيض مدعاه لأن مدعاه إثبات أن هذا اعتداء بالمثل كما صرح به بقوله وهذا اعتداء بالمثل اه فتأمل قال المص رفع الله درجته يو ذهبت الإمامية إلى أنه إذا غصب جارية فأتت لولد مملوك ونقصت قيمتها
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»