إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٣٣
ولو برئ الضامن لم يبرأ الأصيل وبرئ ضامن الضامن لأن الأصل في الضمان ثبوت الدين في ذمة الأصيل فلو برئ ذمته لم يتحقق معنى الضمان للضامن والحديث إن صح دل على فك رهان الميت لأنه كان مفلسا فبالأداء برئ ذمته ولا دلالة له على براءة ذمته بالضمان لأن البراءة إنما يتحقق بالأداء وكذا حديث أبي قتادة فلا دليل على مذهبه من الحديثين انتهى وأقول جميع المقدمات التي نسبها الناصب إلى الشافعي دعا ومجردة مطالب ببيانها من العقل والنقل ودونه خرط القتاد وأما ما ذكره من أن الحديث إن صح دل على فك رهان الميت ولا دلالة له على براءة ذمته بالضمان اه ففيه أن الرهان في قوله ص كما فككت رهان أخيك إنما استعمل على سبيل المشاكلة مع ما قبله بدليل قول الراوي لما ضمن الدرهمين عن الميت فإنه لو كان هناك مرهونا لما احتيج إلى الضمان بل كانوا يستوفون الدين من ثمنه وأما حديث أبي قتادة فهو صريح فيما ادعاه المص وليس فيه ذكر فكاك رهن ونحوه فكيف يكابر على الصريح القطعي ويقول وكذا حديث أبي قتادة قال المص رفع الله درجته يو ذهبت الإمامية إلى أن الضمان المتبرع لا يرجع به وقال مالك وأحمد يرجع به عليه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أن المتبرع من غير إذن الأصيل ليس له الرجوع وإن صح ما نقل عن مذهب مالك وأحمد فلا مخالفة للنص إن صح لما ذكر أن المراد براءته بالأداء لا بالضمان ولا يفيد عدم جواز الرجوع إلى الورثة إن لم يكن مفلسا فلا مخالفة للنص انتهى وأقول إن تمام حديث أبي قتادة كما ذكره المص في المسألة السابقة صريح في أنه ع علق البراءة بمجرد الضمان فالتأويل تعسف عن واضح السبيل غير دافع لمخالفة النص كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته ير ذهبت الإمامية إلى جواز ضمان ما الجعالة بعد الفعل وقال الشافعي لا يجوز وقد خالف في ذلك قول الله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم وقوله ع الرغيم غارم وهو عام انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن الجعالة جايزة قبل العمل وبعد العمل يصير لازما وإذا استجمع مال الجعل بعد اللزوم بشرايط صحة الضمان يصح الضمان عنه وأما الاستدلال بالآية على مدعاه فغير صحيح لأنه وارد قبل اللزوم فلا يثبت به المدعى نعم يثبت به صحة الضمان مط و بها استدل العلماء على صحة الضمان ومشروعية انتهى وأقول ورود الآية فيما ذكره مم ولو سلم فلا عبرة بخصوصية السبب عند الأصوليين وإنما العبرة بعموم اللفظ على أنه إذا اعترف بأن الآية يثبت بها صحة الضمان قبل اللزوم فيلزم صحة الضمان بعده بطريق أولى ولعدم القايل بالفرق فثبت المدعى قال المص رفع الله درجته يح ذهبت الإمامية إلى أن للموكل أن يطالب بثمن ما باعه وكيله ومنع أبو حنيفة منه وهو مخالف للمعقول والمنقول لدلالة العقل على تسلط الإنسان على استخلاص ما يملكه من يد الغير وقال ع الناس مسلطون على أموالهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن الوكيل إذا باع شيئا فله مطالبته الثمن والوكيل في البيع في قبض الثمن وللموكل أيضا مطالبته بالمال لأنه ماله في الحقيقة فله الطلب وعند أبي حنيفة إن المباشر للعقد هو الوكيل فهو يستحق المطالبة لأن المطالبة مط لا بالمطالبة من شخص معين انتهى وأقول يتوجه عليه أن ما ادعاه من قبل أبي حنيفة من أن المطالبة حق المباشر مجرد دعوى لا يسمع بلا دليل وأما ما ذكره من أنه لا يلزم من منع مطالبة الموكل ثمن ماله من غير الوكيل عدم تسلطه على ماله فمبني على عدم تحصيله لمعنى التسلط أو على تسلط إبليس عليه يقلبه كيف شاء قال المص رفع الله درجته يط ذهبت الإمامية إلى أن إطلاق الوكالة في البيع يقتضي البيع نقدا بنقد البلد بثمن المثل وقال أبو حنيفة لا يقتضي ذلك بل للوكيل أن يبيع ما يساوي مائة ألف بدرهم واحد إلى ألف سنة وقد خالف في ذلك العقل والنقل فإن الإنسان إنما يرضى على نقل ملكه بعوض إذا كان العوض مساويا للملك وقال النبي ص لا ضرر ولا ضرار في الإسلام انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد سبق بيان هذه المسألة وإن أبا حنيفة ذهب إلى أن الموكل إذا وكل الوكيل سلطه على الملك فله أن يتصرف كيف شاء ولو فوت غبطة المالك الموكل فهذا التفويت قد جره المالك إلى نفسه كما لو باع هو بنفسه شيئا يساوي مائة ألف بدرهم واحد إلى ألف سنة فالإضرار إنما جره إلى نفسه فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام انتهى وأقول قد سبق منا أيضا الكلام على ما ذكره في بيان هذه المسألة ونزيد على ذلك ههنا ان فاذكره؟ ههنا من أن الموكل إذا وكل الوكيل سلطه على الملك غير مسلم لا بدله من دليل قال المص رفع الله درجته ك ذهبت الإمامية إلى أنه لا يصح إبراء الوكيل من دون إذن الموكل وقال أبو حنيفة أنه يجوز وقد خالف في ذلك العقل والنقل فإن الابراء تصرف في مال الغير بغير إذنه فيكون قبيحا باطلا ولأن الابراء تابع للملك وهو منفى عن الوكيل وقال الله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول الوكيل إن كان وكيلا في الابراء فلا إشكال وإن كان وكيلا مط وهذا يصح عند أبي حنيفة فله الابراء وليس هذا تصرفا في مال الغير بغير إذنه لأنه داخل في الوكالة المطلقة وليس من باب أكل أموال الناس بالباطل انتهى وأقول ما ذكره الناصب من الترديد مردود غير مرتبط بالمقص فإن النزاع في جواز إبراء الوكيل بدون إذن الموكل وهذا إنما يتحقق فيما إذا كان وكيلا في الخصومة مثلا أو في بعض من الأمور مبهما فيأتي بالإبراء أو بالصلح أو بالإقرار لا فيما إذا كان وكيلا في خصوص الابراء أو وكيلا مط شاملا للإبراء وغيره فالترديد بشقيه قبيح خارج عن المبحث غير مفيد في إصلاح فتوى أبي حنيفة كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته كما ذهبت الإمامية إلى أنه إذا وكله في الشراء فاشترى وقع للموكل وقال أبو حنيفة يقع للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل وقد خالف في ذلك العقل والنقل فإن العقل يقتضي استصحاب الملك حتى يزيله بسبب ناقل فلو دخل في ملك الوكيل لا فتقر إلى ناقل انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد سبق ما ذكرنا من مذهب أبي حنيفة أن أحكام البيع عنده يتعلق بمباشر العقد وهو الوكيل فيقع الملك له وأما ما ذكر أن العقل يقتضي استصحاب الملك حتى يزيله بسبب ناقل فهذا في الملك المستقل وليس الوكيل مستقلا بالملك بل الملك في الحقيقة للموكل ويقع للوكيل بناء على ظاهر المباشرة فلا يحتاج إلى ناقل
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»