إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٣٧
على غيره فضمنها كما لو سلمها إلى الأجنبي والقياس عليه باطل لأنه إذا حفظ ماله بخادمه أو زوجته فقد رضى المالك المالك بذلك بخلاف صورة النزاع انتهى فتأمل قال المص رفع الله درجته ب ذهبت الإمامية إلى أنه إذا استودع حيوانا وجب عليه سقيه وعلفه ورجع به إلى المالك وقال أبو حنيفة لا يجب العلف ولا السقي وقد خالف قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقوله ع على اليد ما أخذت حتى تؤدى وذلك يستلزم الحفظ المستلزم للسقي والعلف انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن المودع لو أمر المودع بالعلف والسقي فتركهما ضمن وإن نهاه عن العلف والسقي وترك فهلك لم يضمن ولكن عصى ولو ترك الأمر والنهي لزماه ولا يلزمه العلف من ماله كما لو أمره به فإن دفعه إليه في الصورتين فذامك؟ وإلا فإن قال اعلفها من مالك فعلف رجع شرط الرجوع أو أطلق وإن شرط التبرع لم يرجع وإن لم يقل من مالك بل أطلق راجعه أو وكيله ليستردها أو يعلفها فإن لم يظفر رفع إلى الحاكم ليقترض عليه أو يبيع جزءا منه أو يؤجرها فإن لم يعلف حتى مات ضمن هذا مذهب الشافعي وأما مذهب أبي حنيفة فالظاهر أنه أراد من عدم الوجوب أنه لا يلزمه الاخراج من مال نفسه كما ذكرنا من مذهب الشافعي فلا مخالفة للنص لأنه لم يقتض الاخراج من ماله لإمكان الرجوع إلى الوكيل أو القاضي أو بيع جزء منه أو إجارته انتهى وأقول لا فايدة فيما ذكره الناصب ههنا إلا تشريك إمامه الشافعي مع أبي حنيفة في بعض المقدمات السخيفة لأن المص قدس سره ذكر أن امتثال أمر الله في أداء الأمانات إلى أهلها يستلزم الحفظ المستلزم للسقي والعلف فلا محيص للناصب عن قبول الاعتراض أو منع الملازمتين البينتين وأما ما ذكره من أن أبا حنيفة أراد بعدم الوجوب كذا فلغو من الكلام إذ يوجب أن يكون النزاع الممتد بينه وبين الشافعية والإمامية في هذه المسألة لفظيا وهو بعيد جدا كما لا يخفى مع أن ما ذكره من احتمال الرجوع إلى الوكيل خارج عن فرض المسألة لأن المفروض فيها عدم حضور صاحب الوديعة ووكيله الذي يقوم مقام نفسه تأمل قال المص رفع الله درجته ج ذهبت الإمامية إلى أنه إذا خلط الوديعة بماله خلطا لا يتميز ضمن وقال مالك إن خلطها بأدون ضمن وبالمثل لا يضمن وقد خالف في ذلك النصوص الدالة على الضمان مع التعدي وهو ههنا متعد قطعا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه أو خلط الوديعة بمال نفسه أو بمال المالك وارتفع التميز ضمن ودليل مالك أن الخلط بالمثل أو الأجود لا يعد تقصيرا بخلاف دون ففيه التقصير فيكون فيه الضمان والله أعلم انتهى وأقول محصل كلام المص قدس سره إن المودع قد صار في ذلك الخلط بمنزلة الغاصب بتعديه فيستصحب الحكم بالضمان إلى أن يحصل من المالك ما يقتضي زواله واستدل عليه أيضا في التذكرة بأنه قد تصرف في الوديعة تصرفا غير مشروع وعيبها بالمزج فإن الشركة عيب فكان عليه الضمان انتهى وبالجملة لا فرق عند العقل المؤيد بالنقل بين خلط الوديعة بأجود أو مساوي لاشتراك الجميع في العدوان الناشئ من التصرف في الوديعة تصرفا غير مشروع وتعييبها بالمرج المقتضي للشركة المفضي إلى المعاوضة على بعض ماله عند القسمة بغير رضى المودع وأيضا مقاصد الناس في ذلك مختلفة فربما كان المودع رجلا تقيا زكيا مبالغا في تحصيل الحلال مسيئا للظن بأكثر ما في يد غيره من الأموال ويجتنب عن الشبهة والاشتباه كثيرا فالخلط في نظر مثل هذا الشخص يعد تقصيرا وأيضا المص إنما استدل على بطلان قول مالك بالنصوص والاستصحاب والدليل العليل الذي نسبه الناصب الهالك إلى مالك لا يقوم معارضا بشئ من ذلك فتدبر قال المص رفع الله درجته د ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أنفق الدراهم والدنانير المودعة عنده ثم رد عوضها مكانها لم يزل الضمان وقال أبو حنيفة يزول وقد خالف نصوص الدالة على الضمان ولا الاستصحاب ذهبت الإمامية إلى أنه إذا تعدى في الوديعة وأخرجها من الحرز وانتفع بها ثم ردها إلى الحرز لم يزل الضمان وكذا العارية المضمونة مع التعدي وقال أبو حنيفة يبرأ وقد تقدم بيان الغلط فيه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن المتعدي لم يعد إلى الأمانة تبرك الخيانة إلا بالاستيداع المجدد ودليل أبي حنيفة أن الرجوع إلى الأمانة يقتضي رجوع الأمانة انتهى وأقول الدليل الذي ذكره الناصب لأبي حنيفة كلام مخيل مختل قد اخترعه من عند نفسه ووزانه وزان قولنا الرجوع إلى الفقه يقتضي رجوع الفقه والرجوع إلى الشجاعة يقتضي رجوع الشجاعة إلى غير ذلك مما لا يخفى فساده وإنما الذي استدل به أبو حنيفة على ما في التذكرة وغيرها هو أنه إذا رد الوديعة فهو ماسك لها بأمر صاحبها فلم يكن عليه ضمانها كما لو لم يخرجها وأورد عليه المص في التذكرة بأن الفرق ظاهر فإنه إذا لم يخرجها لم يضمنها بعد وإن بخلاف صورة النزاع ثم ينقض على أبي حنيفة بما سلمه من أنه إذا جحد الوديعة وضمنها بالجحود ثم أقر بها فإنه لا يبرأ وبالقياس على السارق فإنه لو رد المسروق إلى موضعه لم يبرأ فكذا هنا انتهى قال المص رفع الله درجته هي ذهبت الإمامية إلى أن الجناية على حمار القاضي كالجناية على حمار الشوكي وقال مالك إذا قطع ذنب حمار القاضي ضمن كمال قيمته وإذا قطع ذنب حمار الشوكي ضمن الأرش وقد خالف المنقول والمعقول قال الله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وجزاء سيئة سيئة مثلها ولأن القيم يختلف باختلاف الأعيان لا باختلاف الملاك انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول إن صح ما نسب إلى مالك فلعله للتعزير والتغليظ على الجاني على حمار القاضي لهتك حرمته والظاهر أن هذا من مفترياته انتهى وأقول الترديد بقوله إن صح كساير ترديداته مردود فقد قال صاحب إلينا بيع في كتاب الغصب منه ومذهبه أي مذهب مالك ولداه أي ولدي أحمد في رواية في قطع ذنب حمار القاضي تمام القيمة لأن فيه وهنا في الدين ولأنه أتلف عليه غرضه لأنه لا يركبه غالبا انتهى ويتوجه على ما ذكره من الدليل إن الوهن في الدين وهتك حرمة القاضي إنما يوجب العقوبة الزايدة لو كان القاطع قاصدا للوهن والهتك وأما إذا لم يكن شئ من ذلك بأن وقع الحمار في مزرعته فأفسد زرعه أو بأن ضربه الحمار برجله ضربا هو لما ونحو ذلك فلا وأما إتلاف غرض الركوب من ذلك الحمار بخصوصه فسهل جدا إذ لا يبقى القاضي
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»