إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٣٦
ولا القصاص وخالف فيه الفقهاء الأربعة وقد خالفوا في ذلك العقل والنقل فإن إقرار العاقل إنما يقبل في حقه لا في حق غيره وقال ع إقرار العقلاء على أنفسهم جايز وهو يدل بمفهومه على أن إقرارهم على غيرهم غير جايز وهذا إقرار العبد إنما هو إقرار في حق المولى انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن إقرار العبد بالعقوبة كالزنا وشرب الخمر والقذف والقصاص يقبل ويقام موجبه وبالسرقة يقبل في القطع دون المال إلا أن يصدقه السيد أو يقوم بينة ويتعلق برقبته وبدين معاملة يتعلق بذمته ودليل قبول إقراره بما يوجب الحدا والقصاص لأن العبد صاحب عبارة صحيحة ومقتضى الاقرار هو المؤاخذة فيؤاخذ به وما استدل به فهو من الغرايب لأنه استدل بخلاف قوله فإنه يقول بعدم القبول فالحجة عليه قوله ص إقرار العقلاء على أنفسهم جايز وهو يقول بعدم الجواز والعبد عاقل فيؤاخذ بإقراره على نفسه وحق المولى تابع انتهى وأقول ما ذكره من استدلال الشافعي بأن مقتضى الاقرار المؤاخذة مردود بأن وجود المقتضى على صيغة المفعول كما يتوقف على وجود المقتضى بصيغة الفاعل كذلك يتوقف على رفع المانع ودليل المص مانع من قبول إقرار العبد ومؤاخذته كما لا يخفى ولو سلم فإنما يسلم اقتضاء الاقرار للمؤاخذة في الجملة لا في الحال التعلق حق السيد به لا أنه يؤاخذ مط ولو بعد العتق وأما استغراب الناصب الدليل المص قدس سره فغريب جدا لأنه قدس سره إنما استدل بمفهوم الحديث ولا مخالفة له لمطلوبه وإنما الذي تيرآ؟ أي مخالفة منطوقه لكن يدفع ضرر مخالفته إن قوله بأنفسهم وإن اقتضى أن يكون إقرار العبد على نفسه جايزا أيضا لكن منع عن جواز ذلك من هو أولى بنفسه وهو السيد تأمل ثم الحقيق أن مستند هؤلاء المتفقهة ليس ما اخترعه الناصب لهم من الدليل العليل بل استندوا في ذلك إلى أن عليا ع قطع عبدا بإقراره وبان البينة يقبل عليه فالإقرار ولي وأجيب بمنع استناد القطع إلى إقراره لجواز اقترانه بتصديق المولى والفرق بين صح الاقرار والبينة إن الاقرار يتعلق بغيره المانع من نفوذه بخلاف البينة فافهم قال المص رفع الله درجته كط ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قال يوم السبت لفلان على درهم ثم قال يوم الأحد لفلان على درهم لزمه درهم واحد وقال أبو حنيفة يلزمه اثنان وهو خلاف المعقول من أصالة البراءة والمتعارف المتداول بين الناس من تكرر الاقرار بالشئ الواحد وعدم تكليف المقر جمع الشهود في مجلس واحد انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول الأصل في التكرار التجديد دون التأكيد فإن تعذر الحمل على التأسيس يحمل على صح التأكيد كما هو معلوم من علم المعاني فالمؤاخذة بالتأسيس موافق للعرف والمعقول انتهى وأقول ما ذكره الناصب من أن الأصل في التكرار التجديد دون التأكيد خطأ لأنه كلام مشتمل على التناقض لظهور أن اللفظ الذي يفيد المعنى الجديد لا يكون مكررا بالنسبة إلى ما لا يفيده وكلام أرباب المعاني لا مساس له بأمثال هذا الكلام ولو صح ذلك لكان الأصل في مثل قولنا جاءني زيد زيد مجئ رجلين وكذا في ساير ما أجمعوا على كونه من التأكيدات اللفظية وفساده ظاهر ولو سلم فنقول لا تأكيد ههنا لأن التكرار إنما يصير تأكيدا إذا كان تابعا لما قبله من غير فصل بين المكررين كما صرح به جلال الدين السيوطي الشافعي في كتاب الاتقان وغيره في غيره والفصل ههنا ظاهر فلا يكون تأكيدا ولو سلم فنقول الحمل على إرادة الدرهم الأول يجامع التأسيس أيضا بأن يكون فايدة التكرار والإعادة إسماع المقر بالدرهم إقراره للشاده الثاني في مجلس آخر كما أشار إليه المص قدس سره ففي الحمل على هذا المعنى أعمال لنوع آخر من التأسيس سالم عن معارضة أصل البراءة عن الزايد بخلاف التأسيس الذي ذكره الناصب من قبل أبي حنيفة فإنه معارض بذلك الأصل الأصيل فظهر أن في أصلهم خطأ قال المص رفع الله درجته الفصل الثامن في الوديعة وتوابعها وفيه مسايل الأولى ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أودع الودعي الوديعة من غير عذر كان ضامنا وقال مالك إن أودع زوجته لم يضمن وإن أودع غير ضمن وقال أبو حنيفة إن أودعها عند من يعله لم يضمن وإن أودعها عند غيره ضمن وقد خالفا قوله تعالى إن الله ص يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقال النبي ص أد الأمانة إلى من إئتمنك انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن لمودع إذا أودع الوديعة عند غيره بلا عذر وأزال يده ونظره عنها ضمن سواء كان الايداع عند عبده أو زوجته أو ابنه أو أجنبي وأما دليل مالك على أن الايداع عند الزوجة غير مضمون فلأن الزوجة في حكم البيت وليس هو بأجنبي فكأنه لم يزل يده عنه واعتبر أبو حنيفة الايداع عند العيال لأن العيال لم يعد في العرف أجابت ولا مخالفة للنص لعدم الاخراج من اليد بالكلية ولا تقصير في الأداء انتهى وأقول إن لم يكن للزوجة أموال وأسباب وسكنى مستقلة بها دون زوجها من الأموال والودايع بضبط مفاتيح الخزاين والصناديق وحفظها عن السرقة فلا يصدق على هذه الصورة أنه أودع الوديعة عند الزوجة فهي خارجة عن محل النزاع وأما إذا كان للزوجة أموال وأسباب و سكنى مخصوصة بها مستقلة فيها دون زوجها أو كانت ناشزة فأودع الزوج الوديعة عندها ليحفظها في ضمن ما يحضها من الأموال فهذه الصورة تصلح محلا للنزاع والخلاف فإن إيداع الوديعة عند هذا القسم من الزوجة في مرتبة إيداعها عند الأجنبي فإن الزوجة المستقلة المستغنية عن زوجها في حكم الأجنبي عرفا هذا ما سنح لي في الجواب عند المسودة ثم لما وصل إلى نظري لما وصل عند النقل إلى البياض كتاب تذكرة الفقهاء للمص قدس سره رأيت أنه أجاب بما يقرر جوابي هذا عنه حيث قال إذا أودع المستودع الوديعة غيره فإن كان بإذن المالك فلا ضمان عليه إجماعا لانتفاء وإن العدوان لم يكن بإذن المالك فلا يخلو إما أن يودع من غير عذرا ولعذر فإن أودع من غير عذر ضمن إجماعا لأن المالك لم يرض بيد غيره وأمانته ولا فرق بين أن يكون ذلك الغير عبده أو زوجته أو ولده أو أجنبيا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وذلك إذا استعان بزوجته أو خادمه في جناء الوديعة ولم يغب عن نظره جاز ولا ضمان عليه وقال أبو حنيفة وأحمد له أن يودع من عليه نفقته من ولد ووالد وزوجته وعبده ولا ضمان عليه بكل حال لأنه حفظ الوديعة بمن يحفظ به ماله فلم يلزمه الضمان كما لو حفظها بنفسه وهو غلط لأنه سلم الوديعة إلى من لم يرض به صاحبها مع قدرته
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»