إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٣٥
من الحلال أكثر بركة من الكثير من الحرام انتهى فما ذكره الناصب ههنا غير دافع الكلام المص أصلا ثم ما ذكره من أن في الأقارير يجب اتباع الصيغة إن أراد به يجب اتباع لفظ الصيغة فقط دون معناه فلا معنى له وإن أراد به وجوب اتباع مدلول الصيغة من غير اعتبار اللوازم المقترثه؟ به فلا ريب في أن مدلول الصيغة فيما نحن فيه وهو الزيادة ولو بأقل ما يطلق عليه المال فيلزمه بمقتضاه أداء الزيادة إلى أن يفسر ذلك بما لا يوجب الزيادة أصلا قال المصنف رفع الله درجته كو ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قال له على ألف درهم وألف وعبد رجع في تفسير الألف إليه وقال أبو حنيفة يرجع في تفسير الألف إليه إن كان المعطوف عليه من غير المكيل والموزون وإن كان منهما كان المعطوف تفسيرا مثل الدرهم فإنه يقتضي أن يكون الألف دراهم وقد خالف في ذلك استعمال العقل والعرف واللغة فإنهم عطفوا المخالف والمماثل ولم يفرقوا بين المكيل والموزون وغيرهما فبأي وجه خالف هو بينهما انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول إن صح ما رواه عن أبي حنيفة فوجهه إن المعطوف عليه إن كان من جنس المكيل والموزون فالمعطوف يكون تفسير الآن المعطوف عليه فيهما ح يكون منضبطا معينا فحمل المعطوف على التفسير أولى لأن المنضبط الذي اعتبره الشرع في ضبط الأوصاف هو الأصل في الاقرار فيحمل عليه وإن كان غير المكيل والموزون فلا انضباط له في الشرع فيلزم الرجوع إليه في الوصف وكأنه يقول إن الشرع قد جعل المكيل والموزون في حكم المعلوم المعين فباعتبار كونه أصيلا في الانضباط والمعلومية صار كأنه هو المعتبر في نظر الشرع فيحمل المبهم عليه بخلاف غيره ولا مخالفة للغة ولا للعقل فإن العرف واللغة لا يقتضي إلا جواز عطف المخالف والمماثل والشرع قد يجعله تفسيرا باعتبار بعض الأسباب المتقضية للتفسير انتهى وأقول تحقيق المسألة على ما قصده المص قدس سره أنه إذا أقر أحد بأعداد مختلفة وأتى فيها بمميز واحد فإن كانت الأعداد بمنزلة واحد كالمركب فالتميز للجميع كقوله خمسة عشر درهما وإن كانت متعاطفة فإن كن التميز متوسطا بينهما لم يرجع إلى ما بعده قطعا بل هو على إبهامه كقوله مائة درهم وعشرون وإن تأخر عنهما فالأصل يقتضي اختصاصه بما قبله متصلا به خاصة لأن العطف اقتضى انقطاع أحد العددين عن الآخر لكن العرف قد يساعد على ذلك أيضا والمثالان اللذان ذكرهما المص قدس سره من هذا القبيل لأن العطف لا يقتضي التفسير والدرهم مثلا لم يقع مميز أو إنما هو جنس مستقل معطوف على مبهم الجنس فلا يقتضي تفسيره وقد يخالفه العرف ويدل على عوده إلى الجميع كما قال له مائة وخمسة وعشرون درهما أو ألف ومائة درهم أو ألف و ثلاثة دراهم أو ألف وثلاثة وثلاثون درهما ونحو ذلك فإن الكل في العرف دراهم حتى لو أراد أحد تميز كل عدد منها عد مطولا مهذارا هذا وأما ما ذكره الناصب من أن غير المكيل والموزون مما لا ضبط له في الشرع افتراء على الشرع بل كاد أن يكون الضبط في العددي كالدراهم أكثر من الكيلي والوزني بحسب الواقع الظاهر على كل أحد فكيف يقلب الشرع هذا الأمر الظاهر العرفي الذي يستحيل تغيره مع ما قد علمنا من طريقة الشارع الحوالة إلى العرف في كثير من المسائل و أيضا في جعل المعطوف عليه تفسيرا للمعطوف قلب ما تقرر بين أهل اللسان من امتناع هذا وجواز العكس بجعل المعطوف عطفا تفسير يا للمعطوف عليه وأيضا لا محصل لقوله فالمعطوف يكون تفسير الآن فرض المسألة أن المعطوف هو الألف المبهم فكيف يحصل منه التفسير والبيان حتى يجعل تفسيرا وبالجملة كلام الناصب في هذا المقام واه جدا وتوضيح الكلام في ذلك أنه إن كان المسألة على ما قرر من قوله على ألف درهم وألف وعبد فيتوجه ما ذكرنا وإن كان قوله على ألف وألف وعبد كما في بعض النسخ ويوافقه مسألة الوقاية فيتوجه عليه ح أنه إذا كان المعطوف عليه الألف المبهم كيف يصح قول أبي حنيفة وقول الناصب أنه إذا كان المعطوف عليه من جنس المكيل والموزون فالمعطوف يكون تفسيرا وأنى لنا حصول العلم بأن المعطوف عليه المبهم من جنس الكيل أو الوزن أو غيرهما حتى يفرع عليه ما حكم به فتأمل فإنه دقيق جدا وأما ما ذكره من أن الشرع قد يجعله تفسيرا باعتبار بعض الأسباب المقتضية للتفسير فلا يؤدي إلى طائل ولا يرجع إلى حاصل وبعد تحصيل معناه الذي دونه خوط القتاد يطالب بإثبات أن الشرع جعل ذلك تفسير اللهم إلا أن يريد الشرع الذي شرعه أبو حنيفة أو الشافعي من عند أنفسهما وهذا مما لا مناقشة فيه فتأمل قال المص رفع الله درجته كز ذهبت الإمامية إلى أنه يصح إقرار المريض للوارث وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد لا يصح وقد خالفوا قوله تعالى كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم والشهادة على النفس الاقرار وهو عام وخالفوا المعقول أيضا فإن الإنسان قد يستدين من وارثه ولا مخلص لبراءة ذمته إلا بالإقرار فلو لم يكن مسموعا لم يمكن خلاص ذمته ولأن الأصل في الإسلام العدالة وفي أخبار المسلم الصدق انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي أنه يصح إقرار المريض في مرض الموت والنكاح والطلاق والدين والعين للأجنبي والوارث وما نقل من الأئمة أنه لا يصح عندهم فلأنهم يجعلون الاقرار في المرض في حكم الوصية ولا مخالفة للنص لأن عدم صحة إقرار المريض ليس لعدم جواز الشهادة على النفس ليكون مخالفا للنص حيث اقتضى جواز الاقرار الذي هو الشهادة على النفس بل لعدم أهلية المقر للإقرار لعرض المرض وأما ما ذكر من مخالفة العقل فلا يلزم لأنا أسندنا عدم القبول بفقدان أهلية المقر للإقرار كالمجنون والمعنى عليه وكيف يتصور مخلص براءة ذمتها بعد عروض الجنون والإغماء وكذلك في المريض انتهى وأقول جعل الاقرار في المرض في حكم الوصية تحكم لا دليل عليه وأما ما ذكره من الدليل على عدم مخالفتهم للنص فعليل فإن أبا حنيفة على ما نقل عنه ابن حزم في كتاب المحلى يجيز اعتراف المريض عند موته بالدين لغير الوارث ولا يجيزه للوارث إلا ببينة لكن دين الصحة مقدم عنده على دين المرض وروى عن مالك أنه قال إن أقر لوارث بإرثه لم يجز إقراره وإن أقر لوارث عاق جاز إقراره له كالأجنبي وبالجملة خلافه مقصور في الوارث دون الأجنبي فظهر أن أبا حنيفة ومالكا قايلان بأهلية المريض للإقرار على رغم أنف الناصب الذي في قلبه مرض الجهل والعصبية فلا يتمشى عن جانبهم ما ذكره من الدليل العليل ويلزمهم مخالفة العقل والنقل كما أفاده المص الجليل قال المص رفع الله درجته كح ذهبت الإمامية إلى أن العبد لا يقبل إقراره بما يوجب الحد ولا
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»