إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٤٣٢
مسنح لما استدلوا به في كتبهم فإن المذكور فيها أنه نظر إلى أن الصلح في صورة الانكار معاوضة على ما لم يثبت فلم يصح المعارضة كما لو باع مال غيره ونحن نمنع بطلان المعارضة على ما لم يثبت بالصلح إلى من يقوم عليه الدليل والفرق بينه وبين البيع ظاهر فإن ذلك تصرف في مال الغير بغير إذنه بخلافه ههنا و لأن مبنى شرعيته عندنا وعنده كما ذكره الناصب على قطع النزاع وهو شامل للحالين أما صورة الصلح مع الاقرار فظاهر وأما مع الانكار فبأن يدعي شخص على غيره دينا أو عينا فينكر المدعى عليه فيصالحه على مال آخر أو على بعض المدعى به أو على غير ذلك من منفعة وغيرها والمراد بصحة الصلح مع الانكار صحبة يحسب الظاهر وأما بحسب نفس الأمر فلا يستبيح كل منهما ما وصل إليه بالصلح وهو غير محق فإذا أنكر المدعى عليه المدعى به ظاهر أو صولح على قدر بعض ما عليه في الواقع أو ببعض العين أو بمال آخر لم يستبح المنكر ما بقي من مال المدعي عينا ودينا حتى لو كان قد صالح عن العين بمال آخر فهي بأجمعها في يده مغصوبة ولا يستثنى له مقدار ما دفع لعدم صحة المعارضة في نفس الأمر وكذا لو انعكس وكان المدعي مبطلا لأن هذا كله أكل مال بالباطل وإنما صالح الحق المبطل دفعا لدعواه الكاذبة كما مر وقد يكون استدفع بالصلح ضررا عن نفسه أو ماله ومثل هذا لا يعد تراض يبيح أكل مال الغير نعم لو كانت الدعوى مستندة إلى قرينة لجوزها كما لو وجد المدعي بخط مورثه أن له حقا على أحد أو شهد له من لا يثبت بشهادته الحق ولم يكن المدعي عالما بالحال وتوجهت له اليمين على المنكر فصالحه على إسقاطها بمال ار على قطع المنازعة فالمتجه صحة الصلح في نفس الأمر لأن اليمين حق فصح الصلح على إسقاطها ومثله ما لو توجهت الدعوى بالتهمة حيث يتوجه اليمين على المنكر ولا يمكن ردها هذا وقال ابن حزم معترضا من جانب الشافعي على الاستدلال بالآية أنه لا شك أن الآية ليست على عمومها وإن الله تعالى لم يرد قط كل صلح وإن امرءا لو صلح على إباحة فرجه أو فرج امرأته أو على خنزيرا وخمرا وعلى ترك الصلاة أو على إرقاق حرا وعقد على نفسه كل هذا لكان صلحه باطلا لا يحل فإذ لا شك في هذا فلا يكون صلح يجوز امضانه؟ الأصلح جاء القرآن والسنة بجوازه وليس في القرآن والسنة تصحيح الصلح على الانكار ولا على السكوت ولا على إسقاط اليمين ونحوها انتهى وأقول فيه نظر لأن ما ذكره من الصلح على إباحة الفرج ونحوها مما أخرجه النص والإجماع عن عموم الآية والحديث والعام المخصوص حجة في الباقي عند محققي الأصول وعلى هذا لا يلزم المجتهد البحث عن ساير المخصصات بأن يصحح دخول كل فرد من أفراد العام من القرآن والسنة حتى لو لم يصحح من كتاب آخر وسنة أخرى كون الصلح على الانكار داخلا في ذلك العام لم يجز له الحكم بجوازه كما زعمه ابن حزم لأن القرآن والسنة لم يتكفلا بيان ما ولايتنا هي من الحوادث الجزئية تفضيلا وهو ظاهر وبهذا اندفع ما ذكره من لزوم اللوازم الباطلة فإنها مما قد ظهر بعد البحث خروجها عن هذا العام قال المص رفع الله درجته يح ذهبت الإمامية إلى أن الحايط المشترك بين اثنين ليس لأحدهما إدخال خشبة خفيفة فيها لا يضر فيه إلا بإذن صاحبه وقال الشافعي ومالك يجوز وهو مخالف لقوله ع لا يحل مال امرءا مسلم إلا بطيب نفس منه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن الجدار لو كان مشتركا فليس لأحدهما وضع الجذع وإلا بإذن الشريك ولا أن يدق فيه وتدا أو يفتح فيه كوة ولا أن يترب الكتاب من ترابه كساير الأموال المشتركة لا يستقل أحدهما بالانتفاع فما أكذبه في نقل المذهب وما أجرأه على الكذب انتهى وأقول نعم ما نسبه المص إلى الشافعي ومالك كما وقع في نسخة الناصب قد نسبه صاحب الينابيع إلى مالك وأحمد دون الشافعي حيث قال لا يتصرف في الجدار الخاص والمشترك بلا إذن إلا في الاستناد واستناد متاع كالاستظلال وإن منع على الأظهر قيل ومذهبهما أي مذهب مالك وأحمد جاز وضع الجذع ويجبر عليه إن لم يضر لقوله ع لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة على جداره قلنا محمول على تأكيد الاستحباب لقوله ص لا يحل ما امرء مسلم إلا بطيب نفس منه انتهى ولعل تبديل أحمد بالشافعي وقع سهوا من قلم الناسخ أو عمدا من الناصب ليقتصر على مجرد التشنيع بعدم مطابقة النقل ويغمض العين عن التعرض لدفع اعتراض المص عن مالك وبالجملة هؤلاء كالحلقة المفرغة على ما مر فعلى تقدير براءة الشافعي عن المشاركة مع مالك في القول بذلك فقد صح أن مالكا متهالك فيه بل أحمد أيضا فلا وجه لعدم تعرض الناصب للجواب من قبلهما كما لا يخفى قال المص رفع الله درجته يد ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجب على الشريك إجابة شريكه إلى عمارة المشترك من حايط أو دولاب أو غير ذلك وقال الشافعي و مالك يجب ويجبر عليه وقد خالفا العقل والنقل فإن الإنسان لا يجب عليه عمارة ملكه ولا ملك غيره فبأي وجه تجب عليه العمارة وقال ع الناس المسلطون على أموالهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إنه ليس لأحد الشريكين إجبار الآخر على عمارة الملك المشترك كما لا يجبر على زراعة الأرض المشتركة سواء كان الامتناع لمضارة أو إعسار أو غيرهما ولو أراد أحدهما إعادة ما انهدم بالة نفسه لم يمنع إذا أعاد على الأرض المختصة به ويكون المعاد ملكا له وهذا مذهب الشافعي ولم أعلم من أين له هذا الكتاب في الفقيه للشافعي وينقل عنه ما يريد انتهى وأقول نعم قال صاحب الينابيع ولا يجبر أحد الشريكين على عمارة الملك كما لأجبر على زراعة الأرض المشتركة ولربما يتضرر به قيل مذهبهما يجبر دفعا للضرر كعلف الدابة وفرق بأنه لزم عند الانفراد انتهى فالحال في هذه المسألة نقلا وتوجيها كحال سابقها تأمل قال المص رفع الله درجته به ذهبت الإمامية إلى أن الضمان ناقل للدين وإن المضمون عنه برئ وقال الفقهاء الأربعة لا يبرأ أوتد؟ خالفوا قول النبي ص لعلي ع لما ضمن الدرهمين عن الميت جزال الله عن الإسلام خيرا وفك رهانك كما فككت رهان أخيك فدل على انتقال الدين من ذمة الميت وقال لأبي قتادة لما ضمن الدينارين هما عليك والميت منهما برئ قال نعم فدل على براءة ذمة المضمون عنه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول مذهب الشافعي إن حقيقة الضمان هو ضم ذمة إلى ذمة وهو التزام ولا يشترط رضى المضمون عنه ولا قبوله ولا أن عرفه الضامن ويصح عن الميت المفلس وغيره ويجوز للمضمون له مطالبة الضامن والأصيل جميعا ومطالبة أيهما شاء ومطالبة أحدهما ببعض الحق والآخر ببعضه ومهما برئ الأصيل برئ الضامن وضامن الضامن
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»